الأحد، 24 فبراير 2013

25 فبراير وضبابية لابد من تبديدها



بعد أن كان الاحتفال بالمناسبات ينزل من أعلى أتى حراك 25 فبراير ليقول للمحتفين به احتفلوا بأيديكم.. بما صنعتم. لا شك أن الوعي العماني الجمعي تغير بعد هذا اليوم ولا يمكن تجاهل تأثيرات وتداعيات الحراك الشعبي العفوي الذي بدأ يوم 25 فبراير 2011، ولا التغييرات التي حصلت إثره. هنا لن آت على الجدل القائم الآن بين الجزيرتين التين انتجهما 25 فبراير؛ جزيرة المع وجزيرة الضد، فهذا النتاج لابد أن نسعه وأن نختلق له الأعذار إذا وضعنا في الاعتبار الهزة الفجائية التي حصلت والهزات الارتدادية التي نتجت عنها.

في الوقت الذي لا يمكن إنكار تجاوب السلطان السريع واستيعابه لحجم الهزة إلا أن النقلة النوعية التي حصلت للوعي العام لم يواكبها تنفيذ ناضج للتوجيهات التي وجهها جلالته. ولعل تدخل الادعاء العام والأجهزة الأمنية في التعامل(الملاحقات والحبس.. إلخ) مع النشطاء واختلاف مضمون ذلك التدخل مع جوهر توجيهات صاحب الجلالة لعل ذلك هو الخطأ الذي أربك الجميع(الحكومة والشعب الممتعض منها) وشكك بشكل جلي في نوايا وجدية الإصلاحات التي لولا تلك التدخلات لحصلت الإصلاحات على وقتها الكافي في التنفيذ من قبل الحكومة، والمراقبة من قبل الشعب.

اﻵن وبعد سنتين من أحداث 25 فبراير لا نزال في نفس الدوامة من الضبابية واللاوضوح الأمر الذي ضخم شق الانقسام السلبي الحاد المبني على الشك والتخوين بين الطرفين. من هذا المنطلق وفي ظل هذا الانقسام العفوي الممنهج! لابد أن تتغير المنهجية العليا من أجل الخروج من هذا المأزق حتى لا يتفاقم الانقسام ونصل إلى طريق مسدود ندفع جميعا ثمنه. لابد من التهدئة  والطمأنة وهذا بالطبع ليس في يد العامة بل هو في يد القيادة العليا التي لا تزال ثقة الشعب مطلقة فيها وأقصد هنا بالشعب الجميع دون استثناء. الطمأنة تأتي من صاحب الجلالة الذي لا يشك أي مواطن في جديته في الاصلاح سواء النشطاء الذين يقبعون في السجن أو من يرون أنهم أي النشطأ مظلومين أو الطرف المضاد للحركة الإصلاحية والاعتصامات وما تلاها من تداعيات. من هذا المنطلق فإنني أرى أن يتدخل جلالته شخصيا لتبديد الضبابية بتوجيه خطاب وطني مباشر للشباب لطمأنتهم بجدية متابعة تنفيذ مطالبهم الوطنية خلال فترة زمنية معقولة، خطاب يضع النقاط على الحروف ويقطع الطريق أمام كل معرقل وكل مشكك على حد سواء. أنا على يقين من أن ذلك سيضع الجميع أمام مسئولية النهوض بالوطن نحو أفق أوسع وأن الهدوء سيسود وأن مرحلة البناء ستبدأ من جديد وأننا سننتقل من مرحلة الخوف من المجهول إلى سلام المستقبل وازدهاره وأننا سنواجه أي تحدي بصفوف متراصة يد بيد وسننتصر على الفساد ومشتقاته. 
حفظ الله الجميع

الجمعة، 15 فبراير 2013

هاجس المرأة

لدينا من المشاكل الاجتماعية والثقافية ما يكفي لإنهاكنا وإعاقتنا لقرون وليس لسنين. وتعد قضية المرأة في مجتمعاتنا هي القضية الكبرى التي إن حلت ستتهاوى بعدها الكثير من المشاكل المتعلقة.
في مجتمعاتنا الصغيرة وخاصة هنا في ظفار هناك مشاكل كثيرة مرتبطة بوضع المرأة تؤثر بشكل مباشر على إنتاجية المجتمع. فرب البيت هو المسئول عن كل شئ وعليه أن يؤقلم عمله مع واجباته الاجتماعية التي دون شك تؤثر على إنتاجيته كموظف أو رب عمل. وعلى الرغم من عدم تحريم سياقة النساء للسيارات إلا أن أغلبية النساء يعتمدن على الغير في تنقلاتهن اليومية لقضاء حوائجهن الشخصية والاجتماعية الأمر الذي يجعل رب الأسرة تحت ضغط شديد يؤثر على أدائه في العمل وحتى على ارتقائه في سلم الوظيفة.
عندما كنت صغيرا كانت اﻷوضاع تختلف كثيرا عما هي عليه اليوم. نشأت في الريف حيث لكل فرد في تلك الفترة مهمة ويظل الجميع في عمل إلى نهاية اليوم بما في ذلك الأطفال. لم يكن هناك عمال يساعدون في الاعتناء بالحيوانات ومساكنها. كانت النساء تعتني بما يخص البيوت البشرية والحيوانية وتقوم برعي صغار الأبقار أو رعي اﻷغنام بينما يرعى الرجال اﻹبل واﻷبقار أو يسعون بين الحين والآخر لجلب الاعلاف والسردين والحاجيات اﻷساسية كالأرز والسكر من المدن. الاطفال يعملون في الرعي أيضا كمساعدين للكبار. لا يوجد وقت فراغ مستمر كالحاصل اﻵن. كانت الحياة عبارة عن تكرار وروتين مستمر لكن الجميع كان مشغول من الصباح إلى المساء ولا تكاد تصل الساعة إلى الثامنة مساء حتى "يرتمي" كل فرد في فراشه. ولا يكاد يعرف السهر إلا في مواسم معينة من العام.
تغيرت الحياة بقدوم السيارات ودخول أنماط جديدة على حياتنا واستقرت أسر كثيرة نتيجة لعدة عوامل منها توفر المياه، توفر المدارس، والوظائف، والسيارات. تحسن مستوى الدخل واستجلبنا عمال من آسيا ليكشفوا عن الكسل الكامن فينا فغدونا بلا مهام إلا القليل. أصبح معظم العائلة بلا عمل وزادت أوقات الفراغ وتنافست العوائل حتى في استجلاب الشغالات إلى البيوت فزاد عدد الغير منتجين لتتحول اﻷم(آخر الساموراي:)) إلى أثاث من أثاث البيت. فوق كل ذلك زاد عدد المواليد وقلت وفيات اﻷطفال فأصبحت العوائل أكبر وأكبر. مع كل ذلك أتت أمواج من التدين الصحراوي المنغلق تمجد جلوس المرأة في البيت وتحرم الإختلاط وعمل المرأة إلا في التدريس فتكدست النساء في البيوت. وفي خضم ذلك راجت عبارات
شهيرة؛ " المرأة جوهرة " و " الدين كرم المرأة" وهاتين العبارتين أصبحتا ترددان لﻹسكات والتخدير بقصد وبغير قصد.
وعلى الرغم من محاولات جهات حكومية عدة حلحلة الوضع على استحياء بترديد عبارة " المرأة نصف المجتمع" إلا أن عدم الإيمان بالعبارة من قبل قائليها من ناحية، وضعف طرق الإقناع التي أضعفت نتائج تلك المحاولات، أوقع المرأة تحت رحمة القانون الإجتماعي الموروث منذ قرون فزاد التخوف من " تحرر المرأة" باعتبار أنه مشروع غربي يستهدف بنية المجتمع المسلم وأخلاقه.
إذا رجعنا لفترة نهاية الستينات وبداية السبعينات وهي فترة كانت فيها "الثورة في ظفار" شبه مسيطرة على الجبال، إذا رجعنا لتلك الفترة نجد أن نهج الثورة قد مهد بشكل كبير لكسر صخرة تهميش المرأة بعد أن انتهج الفكر الماركسي. فقد كانت هناك قوانين إجبارية للمساواة بين طبقات المجتمع بما في ذلك المرأة. وإذا نظرنا اليوم إلى نتائج تلك الفترة سنجد أن الكثير من الزيجات قد تمت باختيار مباشر من المرأة لشريك حياتها مهما كانت طبقته أو طبقتها. بطبيعة الحال لم تكن الظروف جيدة في تلك الفترة لترجمة تلك المساواة؛ فلم تكن هناك فرص عمل أو سيارات أو ما يكرس تلك المساواة غير الزواج أو الانخراط في الأعمال المساندة للثوار في خطوط المواجهة. وهنا يجب أن أشير إلى أن التجاوب لم يكن قويا بحكم أنه لم يكن اختياريا 100% الأمر الذي أعقبه انتكاسه كبيرة بعد الهزيمة ناهيك عن الحملة الإعلامية الشعواء التي طالت النساء وسمعتهن من الطرف الآخر المنتصر. كل ذلك ساهم في تأخر بل وفشل الكثير من المحاولات لإشراك المرأة وتطوير ثقتها بنفسها. وأذكر هنا محاولات الحكومة فتح مكاتب للتنمية الاجتماعية خاصة بالنساء (في ثمانينيات القرن الماضي) في الأرياف الذي استقبل بالكثير من الفتور على اعتبار أن الحكومة بدأت تعيد أفكار الثورة من جديد.
من هنا نجد أن آليات إعطاء المرأة حقها واستقلاليتها يجب أن تكون أولوية خلال الفترة القادمة وذلك لن يتأتى إلا عندما نصل إلى قناعة "إلغاء الوصاية". وأقصد هنا بالوصاية العامة التي ننتهجها في حياتنا وفي ثقافتنا وفي اللاشعور فينا. نحن كمجتمع نعيش دوائر من الوصايات؛ وصاية الأب على كل أفراد أسرته، وصاية الذكر على الأنثى، وصاية الكبير على الصغير، وصاية رجل الدين على بقية الخلق، وصاية المدير على دائرته، والوزير على كل فرد في وزارته، ووصاية الحاكم على الشجر والحجر.

بطبيعة الحال الواقع أصعب من الكتابة عنه وأصعب بكثير من اقتراح الحلول ولكن لابد من الحديث عن معيقات التقدم من أجل أن نعي واقعنا بعيدا عن العاطفة. هذه المشكلة ننظر إليها ويتحدث عنها الإعلام من باب الترف أو من زاوية ضيقة تقتصر على الجانب الدعائي لإنجازات الحكومة وذلك الحديث لا يمكن أن يصل إلى نتائج ﻷنه لا يتطرق إلى لب المشكلة اﻷمر الذي يضخم المشكلة ويؤجل انفجارها وتأثيراتها العكسية.فعندما اشتغلت المرأة هلل الجميع ولكن عندما نظرنا إلى اﻹنتاجية وجدناها قليلة ﻷننا عاملنا المرأة في العمل بطريقة تحد من انتاجيتها وحشرناها في مكاتب بعيدا عن الأنظار وذلك بدوافع خلفيتنا الثقافية التي تنظر إلى المرأة من الزاوية الجنسية فقط( هنا أصف الوضع في ظفار حيث تجد النساء مختفيات في مكاتب وقد لا يتم إسناد أي مهام لهن وتجد هناك صعوبة في التواصل معهن "لأننا" نتعامل معهن كعورات ومشاريع زنا للأسف وقد يكون ذلك في مناطق أخرى في السلطنة باستثناء العاصمة التي يختلف فيها الوضع على الأقل من الزاوية المهنية وإيكال المهام).
إذا كانت هناك جدية في حل هذا الإشاكل لابد من تشجيع أو صنع ثقافة الاستقلالية للأفراد بما في ذلك المرأة ونشر الوعي وتشجيع ثقافة حرية التعبير ودفع المجتمع إلى المعرفة والتثقيف المعرفي بشتى أنواعه وفي كافة المجالات. لالإضافة إلى ذلك لابد من المبادرات والتضحيات في سبيل صنع واقع جديد ولابد من تحمل آلام تلك المبادرات.


يقول نزار:
أقاوم  كلَّ أسواري ..
أقاوم واقعي المصنوعَ من قشٍّ وفُخَّارِ ..
أقاومُ كلَّ أهل الكهفِ ، والتنجيم ، والزارِ ..
تواكُلَهُم، تآكُلَهُم، تناسلَهُمْ كأبقارِ ..
أمامي ألفُ سيَّافٍ وسيافٍ وخلفي ألفُ جزارٍ وجزَّارِ ..
فيا ربي ! أليس هناك من عارٍ سوى عاري ؟
ويا ربي ؟ أليس هناكَ من شُغلٍ لهذا الشرقِ غير حدود زُنَّاري ؟

نحن في فبراير

ما يجري في الساحة المحلية الآن يستدعي الكثير من التركيز والحذر. نحن في شهر فبراير وأحداث 2011 لا تزال أصداءها تتردد في فضائنا. هناك من يرى أن الحل الوحيد ﻹجبار الحكومة على الحركة والتجاوب مع مطالب 2011 -التي لم ترتق إلى مستوى الطموح حسب رؤية البعض- هو الضغط المستمر على الحكومة من أجل قطع الطريق أمام من يظن البعض أنهم يعرقلون مسيرة الإصلاح والتصحيح التي يقوم بها جلالة السلطان.أي أن هؤلاء يحملون حجة تبدو معقولة ووطنية ولا تعكس نية سيئة تجاه نظام الحكم. ويبدو أن مخاوفهم مشروعة إذا ما نظرنا إلى القوانين التي تم استحداثها ما بعد الاعتصامات والتي صنفت أنواع التجمهر والمتجمهرين بحيث أن هناك تجمهر سلمي وآخر مخل بالنظام وأن هناك من يتجمهر ولا يخل بالنظام مع متجمهر يخل بالنظام!!( إطلاق سراح بعض المشاركين في الوقفة الاحتجاجية بعد توقيعم تعهد بينما لم يعرض التعهد على البقية الذين ظلوا في الحجز ثم حوكموا وصدرت بحقهم أحكام وسجنوا على إثرها). كما أن بقاء رموز حقبة ما قبل الاعتصامات بدون عقاب أو حتى مساءلة يشكك البعض في جدية الحكومة في الاصلاح. فاحتجاجات 2011 ثارت على من يسمون "رموز" الفساد الاداري والمالي الذين جروا الوطن نحو طريق الفشل بالاحتكار وبتقاسم خيرات الوطن وكأنه كعكة مخصصة لفئة دون فئة. ولعل ما فجر الوضع بشكل كبير هو فشل هؤلاء في توفير وظائف ﻷصحاب الشهادات بل أجبروا المواطن أن يعمل في وظائف هم يختارونها وبرواتب هم يختارونها أي أن المواطن أصبح تحت رحمتهم.
البعض يرى أن الحكومة تقوم بالمطلوب وإن كان بوتيرة بطيئة ويبدي الكثير من القلق تجاه الضغط الداعي للإصلاح محتجا بتدهور الأوضاع في البلدان التي شهدت تغييرات جذرية ناتجة عن ثورات ما يسمى بالربيع العربي. هذه الرؤية لها مؤيدين كثر وهنا قد نرى أن هناك قاسم مشترك بين من هو بالفعل خائف على الوطن ومن هو خائف على فقدان مصلحة ﻷن النتيجة واحدة.
هناك طرف ثالث يصر على أن ما يجري ما هو إلا مخطط خارجي بأدوات محلية تحرك كالدمى لزعزعة الأمن وخلق شرخ بين القيادة والمواطن وهذا الطرح يتوافق مع الرؤية الأمنية للأحداث. ظهر هذا جليا في التحقيقات التي تعرض لها بعض المعتقلين ليس في قضية التجمهر فحسب بل في قضية الإعابة وقضايا التعبير عن الرأي المصاحبة وكانت اﻷسئلة تحوم حول علاقة المعتقلين بالمنظمات الدولية.. إلخ.
في ظل كل ذلك يتطور الإحتكاك بين كل هذه الرؤى ويتمسك كل برأيه لتتشكل جزر من الآراء والتحزبات تتخذ من الوسط الافتراضي أرضا للمعركة. كل هذا يتفاقم بشكل شبه يومي في الوقت الذي نأت فيه السلطة العليا بنفسها عن خطاب واضح يضع النقاط على الحروف ويقطع الطريق أمام الجميع ليحول دون الإنزلاق نحو الأسوأ. لا تزال الحكومة تتعامل مع ما يجري من الزاوية الأمنية المحضة ولا توجد بوادر لخطاب واضح من قبلها أي الحكومة لتبصير الرأي العام بخطتها لتلافي الأخطاء وتصحيح المسار وطمأنة الحيارى من المواطنين -وهم كثر- مما يجري. لابد أن يكون هناك وجه واضح للحكومة يشرح للعامة ما يجري، فإن كانت المطالبات بالاصلاح ومحاربة الفساد ما هي إلا مطية للمتسلقين على ظهور العامة، فعلى الحكومة الحديث عن ذلك بوضوح وتهيئة أرضية للتحاور الشفاف بين الحكومة وهؤلاء الشباب من أجل كشف مخططاتهم السلبية إن كانت كذلك. القضية أكبر من "تجمهر واعتقال وحكم ثم سجن ثم إضراب"، القضية صراع بين وجهتي نظر مختلفتين تماما. التغيير ومقاومة التغيير. وفي ظل عدم وجود خطاب واضح وشفاف من قبل الحكومة للجميع فإننا لسنا بمنأى عما يجري حولنا لأن الجمود سيصارع التغيير وهذا أمر بديهي لكن آلية الصراع لا يمكن أن نتكهن بها في الوقت الذي بإمكاننا توجيه هذا الصراع في قنوات الحوار لا في الميادين.
من أجل أن نتطور لابد من تغيير والتعبير عن الرأي بالإحتجاج مثلا يعتبر نهج جديد أفرزته الإعتصامات أي أن هناك تغير في سلوك المواطن نحو الأفضل حتى وإن كان ذلك مزعجا للسلطات الأمنية التي لا تسمح للريح أن تتصرف بحبات الرمل خوفا منها على الرمل أو منه.
الآن نحن في اختبار صعب أمام ما يجري لشباب وشابات التجمهر الذين تجاوزوا الستة أيام في إضرابهم. هذا الاختبار صعب ومحرج للحكومة بنفس القدر من الصعوبة والحرج الذي يقع على المتضامنين معهم في ظل عدم وجود آلية للتعبير غير الكتابة(التجمهر يمكن أن تفسره الجهات الامنية والادعاء العام بطريقة نعرف نتائجها). أحس المضربون بالظلم وأرادوا أن يوصلوا قضيتهم إلى السلطة والمجتمع المحلي والدولي بعد يأسهم من القضاء، والحكومة تتفرج. نحن كمواطنين(أتحدث عن جزء من المواطنين وأنا منهم) نرى أن الأحكام كانت قاسية ولا تتوافق مدة الحكم(6 شهور للبعض) مع ما كان من تجمهر وبالتالي فإننا متعاطفون مع إخواننا وأحبتنا الذين سجنوا بسبب تعبيرهم بطريقة متحضرة جدا عن رأيهم وينفذون الآن إضرابهم. في نفس الوقت نرى أن ما يبدو أنه مماطلة في البت في طعن حكم الإستئناف من قبل المحكمة العليا، يعد كافيا لتضامننا مع المضربين ناهيك عن عدم الرضى عن الأحكام نفسها التي يقال أنها استندت على مادة ملغاه حسبما أشار محامي المضربين. هذا التضامن وتزامن الإضراب مع الذكرى الثانية للإعتصامات قد يدفع بالبعض للدعوة إلى الخروج من جديد وهنا قد تتطور الأحداث وتخرج مطالب جديدة تربك الحكومة أكثر مما هي مرتبكة من إضراب السجناء عن الطعام وتفاقم حالاتهم الصحية.
شخصيا أرى أن صمت الحكومة سلبي ولابد من خطاب موجه للشعب قبل أن يخرج(الشعب) إلى الشارع في ذكرى فبراير. لا توجد قنوات تواصل واضحة إلى الآن بين الشعب والحكومة لمن أراد أن يعبر عن رأيه أو يقدم حلول للقضايا المستجدة كهذه القضية. لجنة حقوق الانسان الحكومية أيضا بطيئة في التحرك ويبدو أنها مقيدة للدفاع عن الحكومة فقط. لا أدري إن كان الاعلام الرسمي قد تحدث عن موضوع المضربين أم لا، لكن تجاهل مثل هذه الاحداث المحلية من قبل الاعلام الرسمي لا يجب أن يتبعه أي شجب من قبل الجهات الأمنية في حالة تواصل النشطاء والحقوقيين أو من يتعاطف معهم مع المنظمات الدولية التي لا نتمنى أن تكون هي المدافع اﻷول عن أي انتهاكات في بلدنا.
في الأخير أتمنى أن يتغير السلوك الامني وأن لا نبالغ في الخوف وأن نفتح قنوات تواصل بين كل وجهات النظر لنصل إلى نتائج بناءة ونقطع الطريق أمام الشكوك والتخوين.. لا للعقاب بدون حوار وشفافية ولا للتخوين بدون أدلة.. ونعم لاستقلال القضاء بقوانين غير مفصلة.

الاثنين، 4 فبراير 2013

المحفيف

اضغط على الصورة لتراها بحجم أكبر
عندما قررت أن أبدأ التدوين اخترت اسم " تحياتي" كعنوان للمدونة ومحفيف للمدون. قد يبدو أن ليس هناك ترابط بين الإسمين للوهلة الأولى لكن من يفهم أو يستخدم عبارة "رفع القبعة" قد يربط بل سيربط بين الاسمين، والصورة أعلاه تبين دلالة ما أقصده من التسمية، هذا من ناحية.
من ناحية أخرى لابد أن أبين للذين لا يعرفون معني كلمة محفيف معناها، فقد تلقيت الكثير من الرسائل على بريد المدونة تسأل عن معنى " محفيف " ولماذا اخترته. ومع أني قد شرحت مدلول الكلمة ومعناها لكل المرسلين إلا أني ارتأيت أن أوضح المعنى هنا بدون اسهاب.
صورة مقربة للمحفيف

المحفيف (آحفِفْ) عبارة عن قطعة جلدية أو مجموعة من الأشرطة الجلدية المفتولة بطريقة متقنة كما هو موضح في الصورة أعلاه بحيث تشكل حبل من الجلد يتم لفه على الرأس لتثبيت الشعر وعادة لا يستخدمه إلا ذوي الشعر الطويل. ويمكن القول أنه  كالعقال الذي يستخدمه البدوي لربط قطعة من القماش(مصر أو غتره أو شماغ) على الرأس للوقاية من الشمس غير أن المحفيف لا يقي من الشمس فهو لتثبيت الشعر فقط. يتراوح طول المحفيف بين المتر ونصف إلى المترين.
 بمرور الوقت أصبح المحفيف أحد الكماليات الضرورية لأناقة الرجل في ظفار وأصبحت صناعته تستدعي المهارة في التصميم والمظهر.
ليس لدي الكثير لأقوله هنا أكثر من التعريف ومع أني لا أستخدم المحفيف إلا أني اشتريت "محفيفاً" رائعاً منذ أكثر من سنة تعاطفاً مع مدونتي :).
تجدر الإشارة إلى أن صناعة المحفيف لا تزال موجودة ولكنها بسيطة جداً، وهنا أتمنى من القائمين على كلية "الأجيال" المزمع إقامتها في ولاية بهلا أن تفتح فرعاً لها في ولاية سدح يُعنى بالمحافيف لأني اشتريته من معرض جمعية المرأة بسدح الذي يقام سنوياً بمركز البلدية الترفيهي :).
لأني نعسان لا بد أن أخلد إلى النوم الآن.. للمزيد من الاستفسار والتوضيح حول الموضوع  أرجو التعليق لأنه في سحب على "محفيف" في نهاية الحلقة :).


ملاحظة: الصورة الأولى للمدون "أنا" رافع محفيفي
للتواصل راسلني على: hesheandme@gmail.com