الاثنين، 25 أكتوبر 2010

واحد يتخيل فقط

عام للخيالات والتخيلات..عام الأربعين..

تخيلو معي أن عمان الحالية(الحكومة) تغيرت سياستها الداخلية والخارجية فجأة. دعت إلى انتخابات حرة خلال 3 سنوات. خلال هذه الثلاث سنوات يتم تشكيل لجان في كل ولاية لتنظيم انتخاب ممثلين عن الولاية لمجلس عمان(ليس بشكله الحالي ولا بصلاحياته) ووالي الولاية ونوابه.

الافراد المنتخبين لثمثيل الولايات في مجلس عمان هم الممثلون الحقيقيون للبلاد وعليه فإنهم مكلفون بإعداد لجان واستقطاب قانونيين لإعداد مسودة دستور جديد يتم انجازها خلال 3 سنوات ومن ثم عرضها على الشعب للإستفتاء وللتعديل.

وتتشكل من خلال هذا المجلس حكومة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات تقوم بالإشراف على إعداد الدستور الجديد بمعية مجلس النواب(مجلس عمان).

تخيلوا أن بعد ثلاث سنوات ظهرت عمان جديدة متحمسة وقادرة على البقاء وذات أهداف واضحة. تخيلو كيف سيكون العماني مقارنة بجيرانه؟ وكيف سيكون العماني منتجاً.

ستتغير الأمور جذرياً وإن كانت هناك بعض العثرات في البداية إلا أن الهدف سيصبح واضحاً وجلياً وهو عمان، عمان وليس فرد أو عائلة أو قبيلة أو فئة أو إقليم أو مذهب، عندما يحس العماني أنه يعمل لعمان فإن انتاجيته ستزيد لأن إخلاصه سيكون أكبر. عندما يتضح الهدف فإن السبيل لتحقيقة سيجده المخلصون من أبناء الوطن.

******

على الرغم من مرور 40 عاماً على نهضتنا الحالية إلا أن الأمور لا تزال تسير إلى انحدار في بعض النواحي ومحلك سر في بعضها الآخر. فالخطط لا تخدم الواقع العماني على الرغم من الأهداف المتوخاة من تلك الخطط. أشعر أننا وصلنا نقطة اللارجعة أي لا يمكننا التصحيح بأقل الخسائر بل سيكون التصحيح بأكبر الخسائر. أي يجب أن نهدم ما بنينا لنبني من جديد..(تشاؤم). لأن الثقافة التي تشكلت خلال الفترة الماضية تبدو ثقافة مشوهة وكل مفاهيمها مقلوبة بمعنى أن المسميات لا تعني بالضرورة الأشياء.

*****

هناك توسيع للحريات وخنق للفساد على مستوى العالم ولكن عندنا الأمر مختلف؛ الفساد يستشري بطريقة منظمة جداً والحريات لا مجال لها إلا بما يتوافق مع أمزجة وقوالب جاهزة لم تتطور منذ 40 سنة. هناك نفاق وتملق وتطبيل وصل إلى حد لا يحتمل ولا ندري ماذا تخبئ لنا الأيام نتيجة لذلك.

هناك استهتار بالتعليم الذي هو ركيزة لأي تنوير وحضارة. يظهر الاستهتار من خلال استخدام الطلبة كراقصين في حفلات الوطن خدمة لأفراد أصبحوا هم الوطن وليس خدمة للوطن. أصبحت وزارة التربية والتعليم وزارة تقديم خدمات رقص مقابل سندوتشات للراقصين أملاً في حصول بعض المسئولين فيها على بضعة آلاف من الريالات. ليس هناك احترام للإنسان بهذه الطريقة ولا احترام للطفولة. كان بالإمكان ترك الطلبة وفق الجدول الدراسي العادي حفاظاً على مستقبلهم واستقطاب العاطلين عن العمل الذين هم بعشرات الآلاف لكي يساهموا في الاحتفالات والرقصات مقابل مبالغ مالية بسيطة تشعرهم بوجودهم على هذا الوطن.

هناك تذمر عام من كل شيء ولعل البطالة والرواتب المتدنية هي الشغل الشاغل لخيال المواطنين البسطاء وغير البسطاء في ثرثراتهم اليومية في هذا العام وكل عام. وهناك خيالات تتوالد بالانشطار مفادها أن عام الأربعين يخبيء للعماني المفاجآت. وكلما غادرت الإشاعة أحد المجالس توالدت وتكاثرت وأصبحت قبيلة من الإشاعات في مجالسٍ أخرى.

عندما يصل تفكير المواطن إلى هذا الحد فإن ذلك يعني أن الحكومة لم تفعل شيئاً طيلة الأربعين سنة المنصرمة سوى خلق فرد مائل إلى الخرافة والشحاتة أكثر من ميوله أو ميلانه نحو الحقائق وكرامة وعزة النفس. استغرب هنا.. ما المتعة التي تحس بها عندما تُحوِّل من تقود إلى قطيع لا يفهمون؟ أقصد حتى على المستوى الضيق(الأسرة مثلاً). هل هذا عمل يشعرك بالرضا؟ إذا كانت الاجابة بنعم فإذن أنت تعاني من مرض ويجب أن تتعالج منه أولاً.

لا زلت في خيال التغيير، فلعنة الخيال أصبحت متلازمة العماني خاصة عندما نقترب من شهر نوفمبر كل عام ولعل هذا العام هو عام الخيال العلمي وغير العلمي لشعبنا الكريم.

*****

أتخيل أننا في الوضع الجديد لا نخضع إلا لدستور وقانون عمان.. لا نخدم إلا أنفسنا من خلال عملنا وخدمتنا لعمان.

توسعت الحريات وزادت الشفافية وقل الاحتكار وساهم الجميع في البناء وأصبح الطالب العماني يدرس في منهاجه الدراسي أن لديه الفرصة لأن يحكم عمان في المستقبل.. نعم من حقه أن يجهز نفسه حسب إمكانياته ليصبح حاكماً إن رأى فيه الشعب الثقة والكفاءة. أنا تحت تأثير عام الأربعين ومن حقي أن أتخيل لأني عربي عماني وهذا هو الباب الوحيد المفتوح أمامي وسأستغله أيما استغلال.

*****

أنا في عمان الجديدة التي أصبحت ذات أهداف تتعدى حدودها .. تستغل موقعها الاستراتيجي الهام. وتكتسح صادراتها الهند وشرق آسيا وشرق أفريقيا واليمن والقرن الأفريقي والجزيرة العربية وباكستان وإيران. تفتح قنصليات تجارية في كل المدن المهمة في العالم..

تساهم في استقرار وزعزعة المنطقة حسب أهدافها. هل يخدمني استقرار اليمن؟ إذن أساهم في استقراره. هل يخدمني الاستقرار في الصومال؟ إذن أساهم في استقراره. هل تخدمني العلاقة مع إيران؟ إذن أسعى إلى تطوير العلاقة معها، وقس على ذلك مع بقية الجيران والأصدقاء البعيدين والقريبين على حدٍ سواء.. حتى العلاقة مع إسرائيل أخضعها لنفس المعايير بعيداً عن العواطف..

*****

عمان الجديدة لا تستخدم الهواة في التخطيط لحاضرها ومستقبلها بل تصنع الدهاة والخبراء وتستغل النوابغ والعباقرة في مراكز الدراسات الاستراتيجية التي تنتشر في البلاد..

******

أنا في الأربعين أتخيل كما أشاء.. وما أشاء.. أتخيل في الوضع الجديد أن المرأة العمانية أصبحت مستقلة وأن الرجل العماني يحترمها كإنسان له كيانه وحقوقه وعليه من الواجبات ما على الرجل. أتخيل أن القانون أصبح لا يفرق بين المرأة والرجل وأن ليس هناك قوانين تحابي الرجل على حساب المرأة. أتخيل أن المرأة أصبحت تعي أن السرير والأطفال ليسا آخر غاياتها. أتخيل أن الرجل العماني أصبح ينظر إلى المرأة على أنها أكبر من أن تكون للجنس فقط.

أتخيل أن عمان أصبحت مثال يحتذى في المنطقة. يُقاس بها التطور والرفاهية والإلتزام وكذلك الديمقراطية والتخطيط السليم.

أتخيل أن الوزير يستقيل إذا أخطأت وزارته احتراماً لمهنيته ولنفسه واحتراماً للوطن والمواطن.

أتخيل أن رئيس الوزراء يتعرض للسباب والشتائم في جرائد المعارضة وأنه يرفع دعوى عليهم أمام القضاء المستقل ويخسر ويرضى بالخسارة(لأن الشتائم كانت محترمة J). أتخيل أن يكون ذلك أمراً عادياً عند عامة الناس في عمان بينما يتم تضخيمه في منتديات ومدونات البلدان المجاورة بسبب أوضاعهم الغير متتقاربة مع الوضع العماني.

أتخيل أننا احتفلنا بإقامة أصغر كبسة في التاريخ.. سأبحث لها عن مناسبة J لا أدري بأي مناسبة نكبس أصغر كبسة.

الخيالات تطول وتطول.. وعمان بلد الأضرحة والأنبياء واللبان والخضرة والضباب والخريف والنخيل والقلاع والحصون والسواحل الطويلة والأسماك والجبال الشاهقة والكثبان الرملية والبترول والغاز والمعادن النفيسة والأفلاج وكهفي طيق والهوتة، لا تزال بكراً.. فطوبى للعنينين.

هناك 6 تعليقات:

  1. اخي محفيف اظن اننا نحلم بالمدينة الفاضلة
    ولكن هيهات فاننا نتحمل المسئولية اجمعين
    فنحتاج الى حسابات اخرى ، نحتاج الى ان نكون بشرا
    صافية قلوبهم
    لدينا الامكانيات البشرية والمكانية لنكون اقوى دولة اقتصاديا .
    ولكن نخاف ان نتكلم عن السبب وبالتالي لا نعرف طريق الحل

    ردحذف
  2. وما زلنا "نتخيل"

    مقال رائع

    ردحذف
  3. مسرح الحياة

    مرحباً بك وأشكر مرورك

    من حقنا أن نحلم بالمدينة "العُشر فاضلة" إن لم نستطع أن نصنع الفاضلة نفسها

    ردحذف
  4. غير معرف/ة

    40 مليون شكر لمقامك

    ردحذف
  5. لو كل اللي يحلمون يحلمون مثلك .. كنت سأقول لك قد يصبح الحلم واقع فيكفي أننا نفكر فيه!

    لكن مصيبتنا كما قلت ..برمجونا على حلم المكرمات والهبات !!

    لما تصبح الحقوق مكرمه يحلم بها ,, تموت بقية الأحلام عندها

    محفيف أبدعت في المقال ,, شكرا لك

    ردحذف
  6. أخت "الحياة أنا"
    أشكر مرورك ومداخلتك وأشكرك على الإطراء.

    مدونتك رائعة بالمناسبة وقد أضفتها إلى قائمة المدونات التي أتابعها(بعد إذنك طبعا :))

    ردحذف