الاثنين، 4 أبريل 2011

أتفهم الطرفين


من ثمار الاعتصامات الايجابية في بلدنا الحبيب عمان أن أو جدت رأياً مغايراً لرأي الحكومة الرسمي بشكل علني وعلى منابر وتحت الأضواء وأمام "البعوض". كنا نعيب على إعلام الحكومة عدم قبوله للرأي الآخر أو عدم اهتمامه به. اليوم وقد فتح المعتصمون منابرهم الحرة للرأي المغاير لرأي الحكومة، نرى أنها(أي منابرهم) لا تقبل الرأي المغاير لرأيها، وعندما تسأل لماذا لا تجد إجابة مقنعة.. إنها مشكلتنا الأزلية.. الإقصاء.

دائماً ما يقودنا خوفنا من "المختلف" إلى التقوقع ووالتمادي في ذلك لدرجة العدوانية والإقصاء وفي حالات إلى إخفاء المختلف نهائياً. كل الثوار العرب الذين ثاروا على الاستعمار أو أُولئك الذين قاموا بإنقلابات على "طغاة"، كلهم استبدوا في حكمهم بل وتخلصوا من أقرب رفقائهم في الدرب نتيجة الإختلاف.

الآن وفي خضم الاحداث التي تعصف بالمنطقة العربية وتحديداً ما يدور في عمان، نجد أن هناك اختلافات في وجهات النظر تجاه ما يجري. ففي الوقت الذي أيد معظم العمانيين الاعتصامات نجد أن الفريق الآخر الذي لم يكن معها يتعامل مع المعتصمين وكأنهم يهددون كيانه. كما أن المعتصمين أنفسهم ونتيجة لخوفهم من الحكومة و"العملاء" -كما يحلو للبعض تسميتهم- أصبح حكمهم على من لا يحمل فكرهم متطرفاً للغاية بحيث لا يمكن السماح إلا بسماع اتجاه واحد. نتيجة لذلك كثيراً ما نسمع ترديد مصطلحات وعبارات قوية تجاه مجهولين لم نرهم رأي العين، فتارة نسمع عن "مندسين" وتارة نسمع عن "طابور خامس" وأخرى نسمع عن "عملاء" إلى آخر هذه التسميات. هذا وإن كان موجود يجب أن لا يحارب بهذه الطريقة بل يجب أن يتم تجاهله من ناحية ورص الصفوف وتنظيم العمل بشكل لا يدع مجالاً لأمثال هؤلاء أن يندسوا أو يشكلوا خطر. إن ترديد هذه العبارات الوهمية الغير مستندة على دليل لهو برهان على عدم التنظيم. فالهش يحاول أن يختلق عدو وهمي ليبرر فشله وهشاشته. كما أن إعلان وجود عملاء ومندسين يشجع من أراد أن يندس بالفعل أكثر مما يخوفه.

في اعتصام ظفار ظل المعتصمون في عراك مع عدو وهمي وضعيف(فعلياً) طوال فترة الاعتصام حتى مجيئ مبعوث جلالة السلطان يوم الجمعة الماضي. عندما غادر معالي المبعوث بدأ البعض ينسحب من الاعتصام دون "شوشرة" بينما فضل البعض إعلان انسحابهم وقد كانوا أفراد معدودين على أصابع اليد الواحدة. بذلك ونتيجة لثقافتنا العربية بدأ الطرفين في اتهام بعضهم البعض بما كانا يتهمان به العدو الوهمي الذي لم يظهر. الآن بدأ الطرفين في التراشق بالاتهامات والتخوين والتحقير للأسف‘ في كل من المواقع الالكترونية ومنبر الاعتصام. قد أكون هولت الموضوع وكأنه حرب، هو ليس كذلك ولكن بالفعل هناك أصوات مزعجة تخرج من هنا وهناك تحاول أن تجد مشكلة لتبرر موقفها بينما كان بإمكان الجميع تفهم بعضهم البعض وترك العراك الذي لا يخدم القضية.

الجميع مخلص للوطن ولكن هناك زوايا ننظر منها للحقيقة تختلف من ناظر إلى آخر ونتيجة لذلك يختلف تعريفنا للحقيقة حسب الزاوية التي ننظر منها إليها.

الإخوة الذين انسحبوا من الاعتصام أحسوا أن عدم انسحاب الآخرين يعني استئثارهم(أي الآخرون) بفضل الاعتصام دونهم، كما أن المعتصمين الباقين يرون أن لا فضل يُحسب للمنسحب مع العلم أن الجميع شارك في الجهد والإنجاز.

يجب أن تعلمنا مثل هذه الاحداث الكبيرة قبول الآخر المختلف حتى وإن لم نستصغه أو نهضمه. إن الوطن للجميع ولايمكن أن نحتكر حبه ولا التضحية من أجله وليس لنا الحق في تعريف الإخلاص وتحديده برؤيتنا الضيقة وننكر تعريفات الآخرين لنفس المصطلح.

الذين تركوا الاعتصام يرون أن الحكومة جادة في تنفيذ متطلبات الشعب بدليل ما تم إلى الآن. ويرون أنها بحاجة إلى وقت وفرصة أكبر لتنفيذ ما تبقى، وأن دورهم قد انتهى وهي وجهة نظر يجب أن تُحترم لأنها تحتكم إلى واقع ملموس وحسن نية وظن في الحكومة. المعتصمون يرون أن وجودهم معتصمين وبطريقة سلمية يساعد الحكومة على تنفيذ المطالب بجدية أكثر. هم يعتبرون أنفسهم أعوان للسلطان لاجتثاث الفساد والمفسدين. لا يزالون مقتنعين أن الحقوق لا يمكن أن توهب بينما الشعب نائم في سبات، إنما الحقوق تنتزع تحت ضغط، والضغط السلمي هو أفضل الطرق وأنجعها للحصول على الحقوق. هنا أنا أحترم وجهة نظرهم وأرى أنهم محقين من هذه الزاوية وبالتالي لا يجب أن يتم توبيخهم أو وصفهم بناكري المعروف أو أي نعوتٍ تسيئ إليهم وهم بهذا النبل.


إنني أتفهم الطرفين؛ المعتصمون الباقون وهم الأغلبية، وأتفهم موقف المنسحبين رغم عدده القليل، لأن كلٌ ينظر للحقيقة من زاويته وحسب معطياته ولكلٍّ قناعاته وتعريفاته الخاصة التي يجب أن أحترمها، في الأخير هم مخلصون جميعا للوطن.

هناك 6 تعليقات:

  1. شكرا اخي محفيف.

    اشعر بالفخر والاعتزاز ان ارى كتابات واعيه وتحليل منطقي , ينم عن خلفيه ثقافيه واسعه .

    ردحذف
  2. superstar racing
    I visited your blog, am sure it is nice eventhough I did not understand anything
    :)

    ردحذف
  3. غير معرف
    شكراً لمرورك وتعليقك المشجع
    أتمنى أن أكون بالفعل كما قلت

    ردحذف
  4. فعلا هي مشكلتنا في المجتمع.. لغة الحوار واحترام الرأي الآخر مفقودة.. نتمنى أن تنغرس مع الوقت..

    HilariOus

    ردحذف
  5. HilariOus
    نقول كلنا بصوت واحد... آآآمين

    ردحذف
  6. من المؤسف أن المعصتمين لا يزالون يصرون على استمراره .. ارجو من المعنيين بالاعتصام مراجعة الظروف المحيطة بهم بعنابة فهى غير مشجعه حسب اعتقادي على استمراره لا في ظفار ولا غيرها..
    واتمنى أن تأتي من ظفار مبادرة فض الاعتصام.. لازالت اتمنى هذامن كل قلبي..
    اسلم عليك

    ردحذف