منذ فترة وأنا أتساءل عن بعض المشاهدات التي أراها أثناء تجوالي في بعض مناطق ومدن السلطنة. الطبيعة العمانية جميلة ومتنوعة والإنسان العماني مضياف ومتحضر ووطني. بالفعل الإنسان العماني رائع ولا يستحق إلا التقدير والإهتمام ممن يسيرون الأمور. الإحساس بالوطنية والاعتداد بالنفس رغم البساطة والتهميش هي صفات عامة تراها في محيا وسلوك العماني في كل شبر من بقاع عمان رغم التنوع الثقافي في هذا البلد المترامي الأطراف.
لا أعتقد أن العماني البسيط يطلب السلطة (مع أن السلطة حقه)أو المال بقدر بحثه عن العيش الكريم. العيش الكريم الذي يعطيه أمل في مستقبل يضمن فيه حياة كريمة لإبنائه تمنعهم الذل والسؤال في المستقبل. العماني البسيط يريد أن يحصل على تعليم جيد ومجاني وتأمين صحي جيد وبنية تحتية جيدة وعدالة في توزيع الثروة وفرص التوظيف. العماني البسيط يريد أن يُعطى فرصة عادلة للتنافس على وظيفة في مكتب القصر أو الخارجية أو الأمن مع أي مواطن آخر مهما كان ذلك الآخر. العماني البسيط يريد لإبنه أن يكون وزير في المستقبل إذا كانت عنده مقومات إدارية ومهارات تؤهله لذلك لأنه مواطن. العماني البسيط يريد المساواة فقط. إذا كان دخل عمان السنوي ريال واحد فإن العماني البسيط يجب أن يكون له نصيبه العادل من ذلك الريال. المواطن العماني البسيط يريد دستور واضح يشترك في صياغته إذا كان متخصص.
إذا خرج العماني وتحدث عن واقعه الغير مرضي يُقال أنه خرج عن طبيعة العماني الطيب. ذلك العماني الذي يذهب إلى حقله أو بحره أو جبله أو صحرائه في الصباح ويعود في المساء ويقدم الولاء والطاعة في كل عيد. لم يعد مطلوب من المواطن البسيط إلا أن يسير على هذا النهج بينما مقدرات البلد في يد فئة بسيطة تم تسمينها كما تم تسمين آبائها من قبل. للأسف أن الحكومة لم تستوعب بعد التغييرات والمعرفة التي وصل إليها ذلك العماني البسيط. كما لم تعِ بعد أن ما حصل في العالم من تطور ديموقراطي قد يصل إلى ذلك المواطن العماني البسيط.
عملية تهميش المواطن وعدم الإكتراث لرأيه أو مشاعره أو مهاراته أو معرفته أو وطنيته هذا التهميش سيصل بنا إلى مرحلة يتحول فيها ذلك العماني البسيط الوديع المطواع إلى وحش لا يمكن السيطرة عليه.
أتمنى من صاحب القرار أن يغير مستشاريه وأن يدرس الواقع عن كثب وأن يتحاور مع المواطن البسيط، لأن استغلال وطنية المواطن البسيط بالطريقة المثلى ستخرج بلادنا من نفق الفساد إلى أفق النور. العماني وطني إلى النخاع وعملي إلى النخاع وواعي لواقعه مهما سكت وبان أنه ذلك الوديع الذي لا يمكن أن يسمع أو يرى أو يتكلم.
لازلت أراهن على أن فرصة عمان لقيادة الخليج أكبر من أي دولة عربية أخرى، فعمان بموقعها الجغرافي الإستثنائي وطبيعتها المتنوعة وشعبها المتعدد الثقافات واللغات ومواطنها "الوطني" والعملي مقارنةً بغيره، كل ذلك يعطي عمان مقومات القيادة في المنطقة. ما على القيادة العمانية إلا تأهيل المواطن والتفكير بأفق أرحب وأوسع لتوفير دخل أكبر وبالتالي وظائف أكثر للمواطنين. عندما تضع عمان خطة استراتيجية لإستغلال موقعها الجغرافي سيترتب على ذلك ارتفاع مستوى الدخل القومي وستتوفر الوظائف وستزداد أهمية عمان مما يجعلها ذات ثقل حقيقي يتجاوز ثقل السعودية النفطي.
عمان معطلة بشكل كبير وهي متقوقعة بصورة شبيهة بتقوقع عمان قبل السبعين. كان النفط يتدفق من كافة بلدان المنطقة بينما كانت عمان في العصر الحجري وغير معروفة حتى على مستوى العالم العربي. الآن نفطنا يتدفق بينما موقعنا الاستراتيجي غير مُستغل والمنطقة من حولنا تشتعل مشاريع لجذب الإستثمارات الدولية. نحن بحاجة إلى مشاريع حكومية حقيقية وليس إلى مشاريع عصابات مص أموال الوطن، تلك العصابة التي تستغل المواقع الموهوبة مجاناً ولا توظف إلا بشروطها أو برواتب تذل فيها المواطن.
أكثر ما يرفع ضغطي الهندسه العمرانية وحبنا للتراث.. من كثر ماعشنا بالتراث ماصرنا نعرف العالم المعاصر (اذا كانت تسميتي صح لاني للان ما عشت بهذا العالم :) )
ردحذفhilarious
يوجد فرق بين من يترقب الحصول على قسط من ثروة/ مال.. وبين من يعمل جاهدا على أن يكوّن مالا واقتصادا !!
ردحذفتأمل كيف بناء اليابانيون اقتصادهم من بلد فقير ولا يحتوي على أي ثروة نفطيةإلى قوة اقتصادية عالمية.
ثقافة العلم والعمل في غاية الأهمية !!
hilarious
ردحذففي مقولة ما تعجبني أبداً ويتم ترديدها دائما: من لا ماضي له لا حاضر له. هذه العبارة تجعلنا أسيرين للماضي لدرجة تناسينا للحاضر وطبعا للمستقبل الذي لا نعتبر التخطيط له رجس من عمل الشيطان..
وياريت أتقنا الماضي ونقلناه بصورة جيدة!
بوفيصل
ردحذفأنا معك في أن هناك فرق... إذا كانت الفرص متساوية فليس هناك مشكلة أبداً
العمل مطلوب والحكومة يجب أن تعي أهمية التوزيع العادل للثروة.. هذا لا يعني أن نجلس في بيوتنا ونتقاسم عوائد النفط بالطبع..
الخوف كل الخوف أن تضطر الحكومة شعبها إلى انتزاع ثروته بيده بسبب تسمينها لقلة قليلة على حساب الغالبية الساحقة..
اليابان وكوريا وماليزيا والآن الصين نماذج للعمل الجاد الناتج عن ثقافة جمعية تقدس العمل والإلتزام وتعي أهمية المنافسة والمساهمة بفعالية في هذا الكوكب الذي سيطر عليه الغرب..