السبت، 25 يونيو 2011

التسول والخريف

التسول في خريف ظفار.. صلالة والمدن والجبال المجاورة

يبدو أن الحكومة ستكون الشماعة التي سأعلق عليها بعض مشاكل المجتمع. قد يبدو ذلك ولكنها بطريقة أو بأخرى هي المسئولة عما يجري على أرض عمان الحالية لأنها تملك الأمن و الجيش والمال وهي المستأمنة على حدود البلد.
نحن مقبلون على موسم سياحي تلعب فيه الطبيعة الدور الأكبر ونكمل نحن والحكومة الجزء اليسير المتبقي الذي نحاول به سد حاجات الزوار مقابل قدر غير بسيط من النقود. النقود لنا كمواطنين ومستثمرين بالطبع بينما الحكومة تتكبد الكثير من المصاريف التي تمهد لموسم ينعم فيه كل سائح بالخدمات التي يحتاجها من خلال المهرجان الذي تقدمه والتسهيلات على الحدود إلى غير ذلك من توفير بنية تحتية إلى معظم المناطق الجبلية والمزارات السياحية وأي وجهة يقصدها السائح.
إلى هنا و "كل واحد عارف دوره" لكن هناك بعض السلوكيات التي تصاحب الموسم بل وتسبقه ونحن بحاجة بالفعل إلى علاج تلك السلوكيات الخاطئة وكذلك حسم واستئصال ما من شأنه أن يعكر صفو راحة من يزور المنطقة خلال هذا الموسم أو أي موسم آخر وفي أي بقعة من عمان.
الشعب طيب جداً وكريم وكان قد مر بظروف مالية صعبة قبل النهضة التي قادها صاحب الجلالة، وما أن أنعم الله عليه بقليل من المال بعد تدفق النفط على يد صاحب الجلالة حتى بدأ بالزكاة والصدقة على ما يوفره من مال. هذا التوق لفعل الخير رغم قلة الموارد والرواتب أسال لعاب المتسولين والنصابين قليل منهم مواطنين والغالبية العظمى وافدين عرب.
بداية كل موسم خريفي يبدأ المتسولون من كافة مناطق السلطنة بالتوافد إلى محافظة ظفار وتحديداً صلالة ومنها ينتشرون إلى بقية المناطق. في الفترة الأخيرة لاحظت انحسار عدد المواطنين وكثرة المتسولين الأجانب وخاصة النساء، بل لا تكاد ترى أي مواطن يتسول إلا القليل من النساء وأعتقد أن معظمهن معذورات لسبب أن الضمان الإجتماعي لا يتناسب مع حجم الأسر العمانية ولم يعد في وسع بعض النساء إلا التسول أو البغاء، فقد صدقت مقول أحد البجز عندما قال أن الضمان الإجتماعي العماني يدفع إلى الرذيلة.

**********
قبل الحروب التي اجتاحت المنطقة منذ أقل من عشرين عاما كان معظم المتسولين من الهند أو الباكستان ممن يجمعون الأموال للمدارس وملاجيء الأيتام حسب زعمهم بالإضافة إلى بعض المواطنين. وبعد غزو أمريكا للعراق وحرب غزة وحرب جنوب لبنان والآن الثورة في سوريا بدأنا نرى أصناف أخرى من المتسولين الذين يستغلون هذا الأحداث وبشكل احترافي للغاية للوصول إلى جيوبنا بأسهل الطرق. لا شك أن الحروب تخلف كوارث إنسانية ولكن تكون تلك الكوارث على هيئة قتلى وجرحى ولاجئين في الدولة المنكوبة والدول المجاورة ولكن في الحالات العربية يستغل المتسولون الحدث للحصول على الثروة بأسرع وقت ممكن وبأقل جهد.

ثقافة المواطن العماني هي حسن الظن بالآخر وعدم الدخول في قلبه لمعرفة نواياه. لذلك تجده لا يتردد في إعطاء كل من يسأله حتى وإن كان شاكاً في المتسول. هذا أمر جيد من الناحية الإنسانية ولكن في نفس الوقت فيه إهدار للمال في مكان غير مكانه. ففي الوقت الذي نجد فيه بعض الأسر العمانية بدون مأوى- كتلك الأسرة التي تقطن الحافة والتي ستجد نفسها في العراء بعد أشهر قليلة بسبب مشروع الحافة ولكونها أي الأسرة تسكن في بيت أحد فاعلي الخير وعليه فلا يمكن لها أن تستلم تعويض ما لم يتكرم عليها صاحب المبنى بما أعطته الحكومة من تعويض، علماً بأن الأسر كانت تسكت ذلك المبنى وبدون مقابل- نجد أن أموال الصدقات تذهب في الكثير من الأحيان في غير محلها لأناس لا نعرف إن كانوا بالفعل مضطرون للسؤال أم لا.

أتمنى أن يتم تجريم التسول وأن يتم تطبيق ذلك فوراً فلم يعد من اليسير علينا كمواطنين أن نصلي في مسجد أو نذهب إلى مكينة سحب ATM أو نذهب إلى السوق أو إلى مقهى أو حتى ننام في بيوتنا!. أصبحنا محاصرين في مناطقنا بالمتسولين الذين لا نعرف ما أين يأتون أو لمن يعملون!. أصبحت بيوتنا في خطر وكذلك أبناءنا وحتى أخلاقنا. الكثير من المتسولات الأجنبيات صغيرات في السن وعلى قدر كاف من الجمال الكفيل بإغواء قبيلة بأكملها J.

يوم الجمعة الماضي خرج لنا رجل في أواخر الأربعينات من العمر يدعي أنه سوري ومن "درعا" وأنه ليس متسولاً بل يجمع المال لإخوانه من درعا المنكوبة. قد يكون صادقاً وقد لا يكون والأرجح أنه قد يكون محترف في هذا الشأن وإلا لأتى بتصريح يبين أنه بالفعل مخول من الحكومة العمانية لجمع أموال ومساعدات للمنكوبين في درعا السورية. هنا يأتي دور الحكومة في حماية المواطن. يجب على الحكومة ألا تترك أمثال هذا الشخص أن يستولي على أموال المواطنين بدون إذن ودون وجه حق. الجمعية الخيرية العمانية موجودة ومنها يمكن أن يُعطى هؤلاء.
هذا أحد الجوانب الأمنية المخترقة حماية المواطن ليس فقط من المجرمين والغزاة بل أيضا حماية ماله ألا يذهب في غير محله تحت أنظار الحكومة. في الوقت الذي حمت الحكومة الشعب من غول الاعتصامات نجد أن المتسولين يصولون ويجولون دون رادع فأين الحكومة وأين أموالنا التي صُرفت على الأجهزة الساهرة على حمايتنا؟!!!!

هناك تعليقان (2):