الجمعة، 14 سبتمبر 2012

مظاهرة في صلالة

مرحبا بالجميع
انطلقت اليوم من مسجد السلطان قابوس في وسط صلالة عقب صلاة الجمعة مسيرة سلمية نصرة للرسول رداً على الفيلم المسيئ إلى النبي والذي أثار ضجة كبيرة في الشرق الأوسط ولعل أبرز النتائج المترتبة عليه إلى الآن مقتل السفير الأمريكي في ليبيا مع مجموعة من مرافقيه ناهيك عن القتلى والجرحى حول السفارات الأمريكية في معظم العواصم العربية الساخنة.
يذكر أن هناك حملة قوية جداً عبر المواقع الاجتماعية في العالم الافتراضي وعالم الهواتف الذكية في المنطقة وقد لاحظت أن معظم الصور المعرفة لمن هم ضمن قائمة هاتفي(الواتسأبيون) قد تغيرت إلى اسم النبي أو ما يوحي بنصرته.
اضغط على الصورة لتراها بحجم أكبر
لا أدري من أين أبدأ... 
عموما هناك فيلم سينمائي يقال أنه مثير للتقزز" كما أوضحت هيلاري كلينتون" ولا يرقى إلى النقد من الناحية الفنية ناهيك عن النواحي الأخرى. تناول هذا الفيلم نبي من الأنبياء تُعد أمته في الوقت الراهن من أكثر الأمم تخلفاً في جميع المجالات ماعدا الجهل فهي متقدمة فيه إلى أبعد حد. أمة يسكت عقلاءها دائماً ويملك متخلفوها ورعاعها زمام الأمور ويطفو على سطحها الغث منهم حتى يكاد لا يبدو من هذه الأمة إلا العنف والتخلف.
أمة لا تريد أن تعترف بالهزيمة وفي نفس الوقت لا تبحث عن أسباب النصر. أمة تريد أن تطيل معاناة أفرادها أكبر مدة ممكنة بدلاً من التفكير بواقعية والبحث عن أسباب الشفاء على المدى القصير والطويل. أمة أنهكت العالم في الوقت الراهن وأرعبت الآمنين. أمة أجبر تصرف أرعن من بعض من ينتسبون لها إلى قلب العالم رأساً على عقب، بل أجبر هؤلاء النفر كل العالم أن يخلع ما يلبس إن أراد أن يسافر في طائرة أو يزور متحفاً أو يدخل حفلا... أمة مجروحة منذ زمن ولا تريد أن تتعافى بسبب ثقافة لا تريد أن تنقد نفسها ولا تسمح لأحد بنقدها.
على كل حال لا يزال المشهد ساخناً ولا ندري إلى أي مدى ستصل بنا هذه السطحية. بالأمس أقمنا الدنيا ولم نقعدها بسبب الرسومات الدنماركية واليوم يأتي دورنا لنرفع أسهم فيلم مقزز.
ما يجري الآن يوحي بأن المسلمين لا يحبون دينهم ولا يحبون نبيهم ولا يحبون أحد. إذا كانت المحبة للنبي ستؤدي إلى القتل فبئساً لها من محبة وإذا كانت محبة النبي ستسيء للمسلمين -كما يجري الآن- فتباً لها من محبة.. ماذا يجري بالضبط؟!! هل نحن في طور التغيير الآن؟ هل هناك تصادم داخلي سيؤدي إلى ثقافة جديدة؟ ربما..
يحدوني أمل في أن الأحداث الأخير التي تعصف نتائجها بالمسلمين إلى الآن سيكون لها أثر كبير في صناعة ثقافة جديدة محبة للحياة والبشرية والعالم. يحدوني أمل أننا في مرحلة مخاض عسير ستكون في نتائجه الكثير من البشارات لهذا الجزء البائس من كوكبنا. بدأت أقتنع أن الأحداث الجسام(كـ 11سبتمبر) هي التي ستؤدي إلى تغيير طريقة تفكيرنا وفهمنا للحياة. لن نفيق إلا بصدمات قوية كصدمة 11 سبتمبر كما لن نتغير إلا بصدمات ثقافية كصدمة الرسومات المسيئة لنبينا والفيلم المسيء له أيضاً. نحن لم ننتقد ثقافتنا ولا نريد أحد أن ينتقدها لكن هذه الصدمات ستفرخ من أمتنا مفكرين عقلانيين ينتقدون واقعنا السيء وثقافتنا العفنة لكي ينتشلوا بقايا أمتنا من الضياع الذي هي في قاعه.
لن تفيدنا المظاهرات ولا الاحتجاجات ولا العنف ما دامت دواخلنا مريضة بالتخلف والكره والإقصاء. هذه المظاهرات لن تصل إلا إلينا أي أنها لا تنقل فكراً مستنيراً إلى الثقافات الأخرى. نعيد شحن أنفسنا بالكراهية للآخر من خلال مظاهراتنا وشعاراتها وما يردد فيها من عبارات جوفاء.
مهما كانت مظاهراتنا سلمية فإن الشحن الموجود فيها (كخيبر خيبر يا يهود جيش محمد سوف يعود) لا يدعوا إلا إلى الانتقام والكراهية. ليس كل اليهود يكرهون العرب والمسلمين كما أن الذين يكرهوننا يملكون كل الأدلة على استحقاقنا لذلك الكره وبالتالي يجب أن نكون أكثر اتزاناً في ردات فعلنا على أمور تعد "عادية" حسب ثقافات الأمم الأخرى. معقولة! نريد أن نتحكم في حبهم وكرههم لنا ولنبينا؟!!!!! ما هذا المنطق المهترئ؟!. من حق الإنسان أن يحب ويكره حتى وإن لم يكن حبه أو كرهه منطقياً لكن ليس من حق أحد أن يعرض حياة الناس إلى الخطر ويؤجج الفتن بين الأمم بسبب مشاعر وسلوكيات لا تقدم ولا تؤخر. لو تركنا هذا الفيلم بدون مظاهرات لمات قبل أن يولد، وكذلك الأمر بالنسبة للرسومات الدنيماركية.
تخيلوا كم من المسلمين سيدفعهم الفضول لمشاهدة هذا الفيلم؟ وكم من المسلمين قد دفعهم الفضول من قبل لمشاهدة الرسومات المسيئة؟ تخيلوا الأثر العكسي لما فعله متطرفونا؟. هناك قاعدة فقهية تقول أن "دفع البلاء مقدم على جلب المصلحة" وأنا متأكد أن ردات فعل المسلمين على ما نسميه بـ"الهجوم على المسلمين" هي بلاء بما تحمله الكلمة من معنى وعلينا دفع البلاء حتى وإن كان في ذلك تحمل لتهكمات أو رسومات أو أي تعبير آخر ينتقد رموز ثقافتنا وديننا.. ادفعوا البلاء بالسكوت أو بالفعل العاقل.
********
هناك الكثير من الكلام في هذا الموضوع الكاشف لعوراتنا..
ما يجري حول السفارة الأمريكية في صنعاء لهو أكبر دليل على تخلف الأمة. شعب يعاني من فقر مدقع وأزمة سياسية خانقة ومهدد بالتشظي إلى دويلات ويواجه انتهاكات لسيادته من قبل الطائرات الأمريكية يومياً، ترك كل هذا وهجم على السفارة الأمريكية وانقتل على الأقل شخص واحد ناهيك عن الجرحى... من أجل ماذا؟!!!!! بالله عليكم أيعقل هذا؟!! لا أستطيع تفسير هذا الجنون إلا بالهرب أو التهرب من مواجهة الواقع الذي نعانيه كأفراد وأمة وإلى الآن لا نريد أن نواجه الواقع بشجاعة ونقول "لا" للخطأ والمخطئين ولأنفسنا إن حدنا عن طريق العقل وتهنا في صحاري الجهل والعناد واللامنطق.. ليس هناك تفسير لإنسياقنا الجنوني وراء عواطفنا دون أن نتعلم من الصدمات التي دائما ما نبحث عنها لكي نضربها برؤوسنا بدلاً من أن نميل عنها بضع سنتيمترات لكي تمر ونجنب أنفسنا الألم.

********

تبا للتخلف.. تباً للجهل .. تباً لمن لا يتعلم.



ملاحظة: لا شك أن الإساءة إلى نبينا أو أي رمز من رموز العالم تعد أمر مستهجن وممقوت ولا يمكن تشجيعه أو التطبيل له لكن ردات الفعل الجنونية يجب أن ننتقدها بوضوح.

هناك 9 تعليقات:

  1. محمد عليه السلام تعرض للأساءات في حياته، شتم وسب وقالوا فيه هجاء، وأتهمت زوجته بالباطل، لكنه عظيم وسامح ولم يرد على السفهاء ولا الأساءة بالأساءة! ليش ما يتبعون سنته في الرد على الأساءة إليه؟!
    محفيف المظاهرات في صلالة ماكانت ممنوعة؟

    ردحذف
  2. كبير يا محفيف!!!

    تحية من أرض صلالة

    ردحذف
  3. غير معرف
    لا أدري إن كانت مظاهرة اليوم مرخصة أم لا..
    عموما المظاهرة كانت سلمية وبسيطة وكان تصرف الجهات الأمنية حكيم بأن سمح للمتظاهرين بالسير في مسار مغلق بحيث يمكنهم من التعبير ويمنع مزيد من الفوضى في بقية الشوارع..

    ردحذف
  4. mimi
    شكرا لمرورك يا ميمي :)

    ردحذف
  5. امة متخلفة بائسة تعيش حالات من التخبط وفقدان الهوية..لاتود الاعتراف بمبدأالحريةفي شتى المجالات..
    رائع انت يامحفيف

    ردحذف
  6. نوستالجيا
    حتى نفهم حرية التعبير يحتاج لنا وقت. في السودان تم اقتحام سفارة ألمانيا... ماذا نقول؟!!
    شكرا لمرورك :)

    ردحذف
  7. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان )

    ردحذف
  8. من ناحية اليدواللسان فحدث ولا حرج...ومايحدث اليوم لهو اكبر دليل....
    الذي لم استوعبه للان ماذنب السفارات الامريكية في الموضوع...

    ردحذف
  9. alaam
    لو سلمنا بأن على كل إنسان أن يتصرف حسب تعريفه للمنكر لما انتهينا من الحروب على مستوى الأمم ولما استقرينا كمجتمعات..
    نحن الآن في مجتمعات منظمة أو على الأقل نمضي نحو التنظيم، والتغير باليد لم يعد مسؤولية فرد بل أمر متعلق بالكل.
    أن نعبر عن رأينا بحرية هذا أمر محمود ولكن أن نفرض رأينا وقناعاتنا على العالم فهذا أمر غير منطقي ولا يمكن تشجيعه.
    تحياتي لك :)

    ردحذف