الجمعة، 17 ديسمبر 2010

إس إم إس

الرسائل القصيرة إلى أي مدى تعكس نفسية المرسل ؟

الحياة مليئة بالحركة والنشاط والسرعة والخمول أيضاً. وفي ظل الأخبار السريعة التي تأتي من هنا وهناك وكثرة الإشاعات التي تروج بين عامة الناس شفوياً أو كتابياً عبر الرسائل القصيرة أو عبر النت، في ظل ذلك، يبقى التواصل الصوتي هو المهم والأكثر تعبيرا وتأثيراً ومصداقية بين جميع أنواع الاتصال المتاحة إذا استثنينا الاتصال المرئي. فصيغة الكلام والنبرة التي تصدر من المتكلم كفيلة بأن تعطي انطباع عن مدى مصداقية وأهمية ما يقوله من عدمها. هنا سأكتب عن الرسائل القصيرة طبعاً لأنها الأكثر استخداماً والأسرع بين وسائل اتصالنا الحالية.

يجب أن نعترف أن الرسائل القصيرة أصبحت جزءاً من حياتنا وهي الأكثر شعبية وسهولة وسرعة بين جميع وسائل الاتصال في عالمنا ومحيطنا. هي التي تنقل لنا الأخبار السياسية والإعلانات والأخبار الاقتصادية والرياضية والمراسيم وغيرها. كما أنها تنقل لنا كل الأخبار السيئة والجميلة والإشاعات الكاذبة وأخبار المواليد الجدد والوفيات و و إلخ.

مع كل ما تقدمه الرسائل القصيرة من خدمات إلا أن هناك تفاوت في توصيل الفكرة والمشاعر من مرسل إلى آخر، كما أن ثقافة المتلقي أيضاً وخلفياته المعرفية ولغته الأم قد تكون عامل مساعد أو معيق في فهمه لمضمون الرسالة. لذلك قد تتسبب رسالة ما في مشكلة كبيرة بسبب سوء الفهم أو الاختلاف الثقافي أو التفاوت في مستوى المعرفة لدى الطرفين.

********

من ناحية أخرى فإنه من الواضح أن هناك لغة جديدة تتشكل موازية للغة اليومية التي نحكيها نظراً لصعوبة الكتابة من ناحية (3 أو 4 أحرف على نفس الزر)، وسعر الرسالة نفسها(65 حرف يعتبر رسالة عمانتلية أو نورسية)، ومحدودية مساحة بعض الشاشات التي كلما زادت فيها الأسطر اختفى جزء من الرسالة وبالتالي قد تفقد أنت الكاتب انسيابية فكرتك التي تود تبليغها وتجد نفسك قد دخلت في موضوع آخر - بدون أن تحس - إن استرسلت في الكتابة، مما يحتم عليك البحث عن المختصر والمفيد.

اللغة أو الثقافة الجديدة التي تشكلت وتتشكل وستتشكل من هذا النوع من الاتصال لا تهتم بقواعد اللغة طبعاً وتشتكي من خلوها من ألف ولام التعريف لأن المهم هنا هو توصيل الفكرة وليس إظهار المهارات اللغوية في أغلب الأحيان خاصة مع الأصدقاء والمعارف.

مثال:

المرسل: وينك؟

المرسل إليه: مغسيل

المرسل: من معك؟

المرسل إليه: بج2

هذا المثال عادي جداً وربما سهل مقارنة ببعض الرسائل التي لا يمكن أن تفهم من غير "المجموعة المغلقة" كمجموعة البجز.هذا النوع من الرسائل يمكن أن يوصف بالنوع المشفر، بمعنى أنها -أقصد الرسائل- لن تُفهم إلا من شخص في نفس المجموعة. إذا ذكرت أمثلة راح أكشف شيفرة البجز وبالتالي سيتم اختراق المجموعة J.

هناك أيضاً شيفرات المراهقين وطلبة الجامعة والبنات في مختلف المراحل السنية..

***********

في أحايين كثيرة تأتيني رسائل قصيرة من أصدقائي تتحدث عن تفاصيل يومية أو أخبار عامة أو ابتسامات أو تهاني أو أدعية... الخ. الردود عليها تتفاوت بين الرد بالمثل، أو الاستفسار أو التجاهل المؤقت حسب الانشغال. الأمر هنا بيني وبين أصدقاء أعرفهم وأدرك في معظم الأحيان حالتهم من خلال صيغة كتابتهم. بينما في أحيان أخرى تأتي الرسائل من أصدقاء عزيزين ولكن للأسف يكون التوقيت غير مناسب بسبب الظروف المحيطة بالشخص أو بسبب حالته النفسية. فمثلا قد تأتيك نكتة قوية جداً وأنت في عزاء أحد العزيزين عليك . الصديق هنا يقصد الترويح عنك وإبهاجك ولكنه لا يدرك ظروفك ساعة استلامك لرسالته لأنه بالتأكيد بعيد عنك وليس لديه خلفية عن ظروفك. وقد تأتيك رسالة من صديق في حالة نفسية سيئة وأنت في حالة أسوأ منه فتتلاطم الموجتان J. وقد يكون أحد أصدقاءك "رائق" جداً بينما أنت ما نمت زين أو تعرضت لتوبيخ من مديرك أو زوجتك أو من صديقتك من الرضاعة J.. في وسط هذا الاضطراب الذي تعيشه يرسل لك صديقك الرائق رسالة يطلب منك فيها عبارات رومنسية!! لأن [زوجته أو نقط] زعلانة أو رايقة مثله ومحتاجة عبارات غزل والرائق حصل عنده انسداد في القريحة!! فاستعان بالشخص الخطأ للأسف.. هنا تظهر مشكلة التوقيت للأسف..

********

سالفة الرسائل القصيرة عجيبة وتحتاج حرفنة في بعض الأحيان. أنصح هنا بتوخي الحذر(كيف، تروح تسأله يعني؟!!) من المرسل والمستلم على حدٍ سواء ومحاولة إيجاد العذر للمرسل حتى وإن لم يُوفق في التوقيت أو حتى في طريقة التعبير عما يريد إيصاله.

*******

رسائل الأعياد والجُمَع أصبحت مزعجة وإن كانت النية من ورائها حسنة. أجد نفسي أتضايق كثيراً من الرسائل الطويلة وخاصة تلك التي تنتهي بتوقيع شخص غير المرسل J. للأسف أن البعض يرسل لك رسالة تتفاجأ أنها ليست من تصميمه أو إبداعه لأنها مذيلة باسم شخص آخر.. لكن في الأخير يجب أن أحسبها للمرسل لأنه صاحب المبادرة..والمبادرة هنا جميلة وإن كانت "طويلة" وهي تنم عن محبة وتقدير..

*******

الرسائل القصيرة أصبحت جزء من حياتنا وأصبحت لها لغتها وثقافتها، تفرحنا.. تحزننا.. تغضبنا بعض الأحيان.. تضحكنا بهستيريا.. وقد تؤدي بعض الأحيان إلى الفتنة للأسف.

أخيرا

من الطرائف أن يصلك دعاء في رسالة يقول: بارك الله لك في زوجك وأولادك وزادك من البنين – في حين أنك غير متزوج..هل آمين هنا جائزة أم في المسألة قولان؟

هناك 6 تعليقات:

  1. رحمة ال خليفين18 ديسمبر 2010 في 12:55 م

    الرسائل القصيرة دوما تعطي إنطباعا خاطئا وتصورا غير صحيح عن الأخر !

    ردحذف
  2. لا أعتقد أنها دائماً ما تعطي التصور الخاطيء
    فقط بعض الأحيان وإلا لتوقفنا عن استخدامها

    ردحذف
  3. تختصر الوقت واكبر فائده لها انه ما يحتاج تتكلم خصوصا مع الناس الثرثارين.. تحصل اللي تريد وبسرعه.. :)

    ردحذف
  4. خاصة لمن يريد أن يرمي فكرته ويهرب من مصيدة نقاش طويل ومتشعب... هل هو جبن أم قشطة :)؟ أقصد هل استخدام الرسائل في بعض الأحيان يُعد تهرب؟ ربما

    ردحذف
  5. نعم قد يعد تهرب خاصة ان كان الموضوع قد يجرك الى توبيخ من قبل الاهل p:
    الرسائل لا تحمل الشعور... لانها قصيرة... فمثل ما تفضلت الكلام والنبرة كفيلة ان تعطي انطباع عن مصداقية المتحدث... ومع ذلك قد يوفق البعض بارسال رسائل تستطيع اعطائك شعورا بالغضب او الفرح او الحب لكن قد تكون مزيفة، قد يجرنا ذلك للتحدث عن لغة الرسائل... فما هو انطباعك عندما تتلقى رسالة ب: ص خ متى بتجين لعندنا؟؟
    ص خ = صباح الخير
    هل تستطيع من هذه العبارة ان تعرف انه مرحب بك ام لا؟؟؟ قد يعتمد ذلك على الشخص المرسل طبعا ولكن احيانا فعلا تحتار ما هو شعور المرسل وقصده بهذه الجملة... غضب ام عتاب او ماذا؟؟؟
    شكرا لمواضيعك التحفة
    خربشااااااااااات

    ردحذف
  6. AmasE
    ص خ متى بتجين لعندنا؟؟... سؤال قد يكون عادي وقد يكون قوي جداً ويحمل نبرة غير ودية
    وطبعا يعتمد على المرسل. إذا كانت حماتك مثلا اعرفي أن علامتي الاستفهام لهما معنى قوي جداً وأنك طولتي واجد عند أهلك فلازم ترجعي لأن الشغالة مريضة:)

    ردحذف

للتواصل راسلني على: hesheandme@gmail.com