الجمعة، 23 ديسمبر 2011

وفي سلوككم أفلا تبصرون؟!


سلوكيات في ظفار أتمنى أن تزول..

هل نحن بحاجة إلى خطة استراتيجية لتحسين سلوك الأفراد وتغيير بعض العادات السيئة من أجل أن تتغير الأمة إلى الأفضل؟... الإجابة باختصار شديد: نعم نحن بحاجة إلى تكثيف في هذا الجانب. وكما قال عادل إمام الأمر محتاج "شغل بعد الظهر" أي أن العمل بالطريقة المعتادة لحل هذه المعضلة ما راح يعالجها وعلى من تعنيه المشكلة ولديه إحساس بها أن لا يستكثر عليها الوقت. الحكومة مشغولة بأشياء كثيرة والإعلام في مرحلة التغيير والمواطن أصبح شريك إلى حد كبير وإن لم يكن شريكاً بشكل واضح فالظروف قد تهيأت له كي ينطلق لخدمة مجتمعه.
أعتقد أن هناك أسباب كثيرة لتخلف مجتمعاتنا ولكن السلوكيات السيئة المترسخة فيها أي في المجتمعات، هي التي تساعد على بقاء المشكلة وإطالة عمرها.. مجتمعاتنا العربية متشابهة المشاكل ومجتمعنا العماني جزء من هذه المجتمعات المشبعة بطبقات من السلوكيات الضاربة في جذور الزمن والتي نحسبها جميلة وهي تساهم في منعنا من التقدم نحو الحياة الحديثة. في ظفار لدينا "بلاوينا" الخاصة بالتأكيد ولكن مواجهتها قد لا يكون بالأمر اليسير خاصة إذا أحس المواطن بالهجوم.. هي ستتغير لا محالة ولكنها بدلا من القضاء عليها بشكل نهائي وسريع ستتشوه إلى أن تختفى بعد أن تكون قد استهلكت منا أجيال كثيرة.
صراحة لا أدري من أين أبدأ  لأن الموضوع متشعب ""جداً وكلما فكرت في مشكلة، هطلت علي زخات من المشاكل المتفرعة من منخفض المشاكل المداري الجاثم على صدر المنطقة. لكني سألخص الموضوع بشكله العام على هيئة نقاط فبعد نقاش متواصل مع أكثر من شخص للسلوكيات السيئة التي يتمنون زوالها من المجتمع في ظفار خاصة(بالطبع السلوكيات التي رصدتها قد تكون موجودة في كل بقاع عمان وغير عمان) سجلت السلوكيات الرئيسية التالية بدون تسلسل منطقي:
1. عدم احترام النظام في الأماكن الخدمية والبنوك وعلى الطريق. التزاحم وعدم الالتزام بالطابور ووجود أشخاص "مستعجلين" دائماً وكأن البقية ليس لديهم أعمال من أكثر الملاحظات التي ترفع الضغط في كل مكان خدمي في ظفار. هناك تحسن بسيط ولكن المشكلة لا تزال تتكرر. كذلك فإنه مع زيادة المركبات وضيق الشوارع وأثناء فترات الذروة تجد بعض السائقين يتجاوزون من اليمين كنوع من "الفهلوة" والاستعراض تؤدي إلى عمل اختناقات وتدفع بعض شبه الملتزمين بالقانون إلى ارتكاب نفس الخطأ نتيجة التأخير الغير مبرر الذي يتعرضون له بسبب تلك التصرفات الغير مسئولة.
2. عدم الإحساس بالمسئولية إلا فيما يخص الفرد ذاتياً.
3. عدم الالتزام بالدوام أو عدم احترام الدوام.
4.السهر في المقاهي إلى أوقات متأخرة على مدار الأسبوع. هذه الصفة تتنافى مع الانتاجية وتعطي مؤشر إلى أن المجتمع غير عملي أو ربما غير مكترث أو ربما يهرب من التزاماته في البيت. وقد يقترن هذا بعدم الإحساس بالمسئولية. كل ذلك يؤخر التقدم ويندرج تحت عدم احترام الوقت.
5.عدم احترام البيئة برمي المخلفات في الحارات ومن المركبات وفي الأماكن النائية وهذا أيضاً يندرج تحت عدم الإحساس بالمسئولية.
6. قلة القراءة أو غياب الكتاب عن الفرد بشكل شبه دائم. أي عدم السعي للمعرفة والعرف على أفكار وتجارب خارج إطار التجارب المتعارف عليها.
7.عدم وجود روح المبادرة.. وهي تندرج أيضاً تحت عدم الاحساس بالمسئولية تجاه المجتمع.
8.ترك حل المشاكل للحكومة وذلك يندرج تحت عدم المبادرة و كذلك ربما الموروث القبلي والحساسيات قد تمنع الفرد من المبادرة. بمعنى تجنب مشاكل أكبر أو الخوف من المدفون تحت الرماد.
9.التعصب القبلي. أكبر عائق أمام التمدن. هو الحبل الذي يشدنا للخلف دائما لأنه يكرس الفرقة ويعتمد على التمييز وعدم المساواة. هذا بدوره يخرج الفرد من هدفه العام وهو خدمة الجميع إلى هدف أضيق وهو خدمة الفئة أو القبيلة الأمر الذي يشغل الفرد في مشاكل هامشية تعيق مساهمته في خدمة وطنه.
10.البصق في الشارع وأمام الجميع (خاصة أصحاب السويكة والماوة).. هنا لا يفكر "الباصق" في نظافة الشارع ولا كيف أنه يؤثر على نفسية من يراه(سلوك مقزز للمتفرج) .. لا يهمه إلا شيء واحد وهو نظافة سيارته التي أراد أن ينقذها من "الزبالة" التي ينفثها في الشارع. الحل هنا سهل جداً –إن كان لا بد من التخزين- وهو وجود كيس نفايات في السيارة لهذا الغرض ولغيره. هذا السلوك السيئ يعطي مؤشر على الجهل وعدم الاحساس بالمسئولية تجاه الذوق العام.
11.عدم احترام المرافق العامة مثل دورات المياه العامة سواء في المواقع السياحية أو المساجد أو في أي موقع خدمي عام. . ما راح أتكلم هنا لأن الموضوع متعب للغاية والجميع يعرف أن لدينا مشكلة ولكن لا أحد يكلف نفسه عناء ضبط نفسه على الأقل.. محتاجين حملة مكثفة لكيفية استخدام دورات المياه العامة بشكل رحيم.
12.الواسطة؛ تعد الواسطة من أكبر الآفات المنتشرة في ثقافتنا في ظفار بشكل خاص وأعتقد أنها صفة عربية أصيلة. أرى أنها أم المشاكل ويرتبط بها الغش والمجاملة وغيرها من الصفات المنهكة لمحاولة التطور والتقدم. أعرف أنها مرتبطة بالقبلية أيضاً وأن الجميع يدرك تأثيرها ولكن عندما نحتاجها فإننا ننسى الجميع إلا أنفسنا.. هنا يشتغل هرمون الأنانية بقوة.
13.الغش في الإمتحانات. هذه الصفة أصبحت سائدة فهي منتشرة من الابتدائية إلى الجامعة وقد تجد بعض المدرسين متورطين فيها. الغش هنا يعني حصولك على ما لا تستحقه أي أنك قد تحرم إنسان من مقعد دراسي يستحقه. كذلك يعني أنك قد تعتمد طوال حياتك على أخذ مال وحق الغير. أي أنك خلية سرطانية في جسد الأمة. تخيلوا معي كم خلية سرطانية موجودة لدينا من هذا النوع؟ وتخيلو لو لم تكن لدينا أي خلية من هذا النوع، هل سنكون أفضل؟
14.التعليم من أجل الشهادة والوجاهة الاجتماعية ونتيجة لذلك تجد بعض أصحاب الشهادات العليا أقل معرفة من أصحاب الشهادات العامة ونتيجة لقلة رصيدهم المعرفي وتربعهم على أماكن مهمة تترهل المؤسسات التي يديرونها ويتأخر النمو والتطور ويتم هدر المال نتيجة الرؤية قصيرة المدى وربما عدم الرؤية وقس على ذلك.
15.النظر للمرأة نظرة دونية أو لنقل تعطيل دور المرأة وتحديد مسارها وتفصيل وتحديد سلوك ليس عليها الخروج من أُطُره. بسبب ذلك تجد وجود المرأة في المجتمع في بعض الأماكن فائض أو غير منتج ليس لشيء إلا لأنها أنثى أو كما يحلو للبعض قوله؛ مراعاة طبيعتها الأنثوية .
16.الإحساس بالتفوق العرقي. كل فرد يرى أنه ينحدر من أصل ذهبي وهذا بدوره يعطل الفرد عن النظر إلى المستقبل والتطوير الذاتي بل يظل ماشياً ورأسه إلى الخلف يعدد إنجازات جدوده دون أن يكلف نفسه عناء تطوير ذاته وبناء مجد لأبنائه وأحفاده.
17.الاعتماد على الأجنبي في كل شي؛ في البيت والمتجر والمزرعة والإبل والبقر والغنم والمسجد والمقبرة.. إلخ.
18.احتقار العمل اليدوي أو نوع معين من الأعمال.
19.الأنانية والجشع؛ قد يبدو هذا غير منصف ولكن الملاحظ أن الأنانية تلعب دور كبير في حياتنا وعندنا الاستعداد لقبول الهبات الحكومية حتى وإن كانت على حساب أهلنا وذوينا ووطننا ومستقبل أجياله.
20.الجميع يريد أن يعيش في مستوى الغني فلا تجد فرق في الأعراس أو النفقات أو اللباس والإكسسوارات وهذا بدوره يثقل كاهل الفرد الأمر الذي يحجم آلية تفكيره ويقضي على الإبداع لديه بل ربما يدفعه إلى اللجوء لطرق غير شرعية للتكسب.
 هذا بعض ما سجلته وليس كل شيء.
 ***
هناك مفردات كثيرة يمكن أن تخطر على بالنا عندما نتطرق إلى السلوك السيء وقد تعطينا كلمة ما انطباع على أن السلوك السيئ ناتج عن أكثر من مصدر.هناك سلوك سيء ناتج عن خلفيات ثقافية عربية وهناك سلوكيات ناتجة عن فهم معين للدين وبعضها مرتبط بأحاديث قد لا تكون صحيحة.
النسب والعرق والتعصب والانتماء القبلي هي من الموروث العربي الخالص ولعل ممارساتنا اليومية وتفسيرنا لسلوك بعضنا البعض لعل ذلك خير دليل على ترسخ الواسطة والمحاباة والتمييز في معاملاتنا وهباتنا وهذا بدوره يضع الأشياء في غير مواضعها أي أن ذلك يشجع انتشار الفساد ويكرسه. النتيجة دائما هي وجود أشخاص غير مؤهلين في أماكن لا تتوافق مع إمكانياتهم المعرفية والمهارية وذلك يؤدي بالطبع إلى هدر المال العام والعقول الواعدة وتأخير التطور.
الجانب الديني ما راح أخوض في السلوكيات السيئة المرتبطة فيه لأن الموضوعحساس ويحتاج الدقة المتناهية.
***
عندما أتحدث عن السلوك السيئ لا أعني أنه السلوك السائد بل هو سلوك شاذ يرتكبه البعض عن جهل ويؤمن به البعض بسبب العادة وعدم الإنكار من المجتمع المحيط. عدم إنكاره بشكل علني وعدم مناقشته جعله جزء من الثقافة العامة.
أعتقد أن جزء من المشكلة متعلق بالتعريفات؛ فمثلاً الغش ككلمة تُعتبر منبوذة مجتمعياً ودينياً ولكنها عندما تتعلق بمصلحة فردية لطالب في المدرسة أو الجامعة لا يستنكرها المجتمع بل قد يشعر الغاش بأنه مبدع وقد يتفاخر بذلك أمام أهله دون أن ينكروا عليه فعلته أو يوبخوه. سلوك الغش في الإمتحانات هو أحد السلوك الرئيسية التي إن اقتنع الجميع من "دواخلهم " بتركها فإن ذلك يعني بأن الاعتماد على الذات والتحدي الداخلي معها قد أصبح قناعة فردية وجماعية وبالتالي ثقافة عامة وعندما تصبح كذلك فإن النتيجة الإيجابية ستكون على كل الأصعدة. الامتناع عن الغش الدراسي بالذات عن قناعة يعتبر مؤشر على جاهزية الفرد لتحمل المسئولية.
***
عندما يحس الفرد بأن عليه مسئولية تجاه مجتمعه ويقرن ذلك بالمبادرة تجاه المجتمع فإنه ينقل نفسه من الإنسان "الرقم" الذي لن يحس بوجوده أو بغيابه أحد، إلى الإنسان "المهم" الذي سيؤثر غيابه على محيطه. ولعل المسئولية والمبادرة هما من أهم ميزات الفرد في المجتمعات المتقدمة على الرغم من وجود هيئات وجمعيات ومنظمات مجتمع مدني في تلك المجتمعات تضطلع بالكثير من المبادرات والأعمال العامة.
لم يتم خلق تلك الصفات الحميدة(المبادرة والمسئولية) من العدم ولم تأتِ بإلهام من السماء ولكنها تشكلت نتيجة لسعي الإنسان في تلك المجتمعات إلى تحسين نمط حياته وحياة مجتمعه. يولد الإنسان في تلك المجتمعات بالطريقة التي نولد بها ويتنفس نفس نوع الهواء الذي نتنفسه(هو عمل الحدائق لتنقية الهواء ونحن نتسلى بالغبار ونعطس منه ثم نلعن الطين والريح) ولكن الفرق أنه تعلم من أبيه وأمه ومدرسته ومحيطه أنه مشترك مع الجميع في الهواء والماء والتراب وعليه أن يحافظ على كل تلك العناصر المهمة لكي يعيش حياته بسلام، كما أن عليه أن يحب الجميع من أجل نفس الغرض. من هذا المنطلق وبسبب التعليم المنطقي الذي نشأ عليه ترسخت عنده المبادرة والمسئولية تجاه محيطه أينما حل وسكن سواء في وطنه أو في وطن آخر غير وطنه. تعلم أن عليه أن يحب أي بقعة يتجه إليها أو يزورها  أو يسكن فيها ليس لكي يدخل الجنة في حياة أخرى بل لكي يعيش حياته في جنة؛ جنة رضاه عن ذاته.
عملية الانتماء إلى الجمعيات وهيئات ومنظمات المجتمع المدني هي من صلب المبادرة والمسئولية تجاه المجتمع والوطن والإنسانية. ولعل هذا هو ما يجب أن نتحرك جميعا من أجله لكي يتم خلق سلوك جديد منظم وغير مكلف يخدم المجتمع ويرفع الحرج عن الإخفاق الحكومي في بعض المجالات التي أقحمت نفسها فيها مع عدم اختيار الأفراد المؤمنين بالعمل الخدمي من تلقاء أنفسهم من ناحية وعدم وجود استراتيجية ومنهجية واضحة في هذا الشأن.
في الجمعيات العامة المعنية بخدمة المجتمع يتجمع المتطوعون للمجالات الخدمية التي يرون أنهم قادرين على الإضافة فيها ويعملون دون ضغط من أحد  من أجل إرضاء ضمائرهم أولاً وحباً منهم للمجتمع وخدمته. عندما يزيد عدد المتطوعين للعمل الأهلي فإن ذلك مؤشر على أن المجتمع أصبح ينتج عقاراً يحافظ به على صحته ويطيل به عمره.
****
ما أود طرحه هنا مرتبط بكشف السلوكيات الخاطئة المؤثرة في حياتنا العامة والتي أراها معيقة للتنمية والتقدم وأتمنى أن يتم القضاء عليها في المستقبل.. قد يتم تفسير  هذا الطرح بأنه تعرية للمجتمع أو استهداف غير مبرر له ولكني أرى أن تسليط الضوء على المشاكل ومكامن الخلل هي الخطوة الأولى وبداية الحل. ما لم نعترف بعيوبنا ومشاكلنا وما لم نقم بمواجهتها ومحاولة حلها بأنفسنا دون خجل فإننا لن نخطو للأمام وسنظل "محلك سر". أتمنى ممن يقرأ هذه التدوينة ألا يفسرها في غير الصالح العام وأن يناقش نقاش موضوعي وهادف لما فيه الصالح العام.

 أعتذر على عدم ترتيب الأفكار
وأشكر كل من كان له دور في هذه التدوينة سواء بالنقاش المباشر أو الغير مباشر دون ذكر أسماء

الاثنين، 12 ديسمبر 2011

الصعود الخاطئ


الموظف العادي بدأ يعي أن الشهادة أصبحت مهمة لصعوده في السلم الوظيفي بعد أن رأى زميله الأقل منه كفاءة في العمل قد أصبح رئيسه. أصبح رئيسه فقط لأنه استطاع إحضار شهادة ماجستير من إحدى الدول العربية أو من الهند  وأحيانا من بريطانيا. هو يعرف أن رئيسه الجديد لا يملك مهارات ولا قدرات إدارية أفضل منه ولكن طريقة المؤسسة في الترقية وإعطاء المناصب الادارية تنتهج هذا النهج دون البحث عن قدرات الشخص الحقيقية أو البحث من أين أتى بالشهادة وكيف؟.  في هذا الوقت بالذات أدرك الموظف أن عليه جلب الشهادة بأي طريقة كانت وقد فعل.
طلب تفريغ بعد أن سجل في إحدى الجامعات و أتى بالشهادة  حسب المطلوب؛ مصدقة من الخارجية والتعليم العالي وأماكن أخرى. رجع إلى  مقر عمله فاتحاً فاستلم منصباً يتماشى مع شهادته. أصبح يخطط لمستقبل العمل. وضع الخطط وألزم بها من هم تحت إمرته. تطور العمل وفق المنهجية التي وضعها. تطور العمل في رأسه وحسب مفهومه ولكنه على الأرض كان يتدهور أي العمل..
صاحبنا لا يملك أي مهارات ولم يدرب نفسه على شيء سوى تلك الشهادة التي أنفق عليها المال والولد ( كيف الولد؟ سأشرحها في التعليقات إذا حد طلب مني ذلك :)).. ماذا نتوقع من الخطط التي وضعها صاحبنا؟! سأجاوب.. بالتأكيد ستأتي متوافقة مع مستوى تفكيره أي أنها ستكون عقيمة في أغلب الحالات لأن فاقد الشيء لا يمكن أن يعطيه. هذا لا يعني أن صاحبنا سيئ أو نيته سيئة ولكنه وُضِع في المكان الخطأ فأتى بالأخطاء وهنا نلوم النظام الذي سمح له أن يتبوأ منصباً قيادياً كان بالإمكان أن يكون فيه غيره الأفضل منه. تراكم الأخطاء والقرارات الارتجالية أدت إلى ترهل المؤسسة التي على رأسها صاحبنا. أصبح الجهل ينتج جهلاً آخر وتراكم إلى أن أصبح طبقات لا يمكن إزالتها إلا بأصابع الديناميت.
 يتكرر هذا الأمرعندنا في عمان كثيرا ولكنه في ظفار يبلغ أوجه حسب رؤيتي المتواضعة وهذا هو سبب بطء التنمية والتطوير عندنا.. وجود الأشخاص "الخطأ" في الأماكن الخاطئة هو الطابور الخامس.. هو السرطان الذي يجب استئصاله مهما كلف الثمن.

بعدما عملت مسح  للوضع العام في عمان اتضح لي بما لا يدع مجالاً للشك أنه سيتم قهر الجهل والتخلف في كل بقاع عمان وإن كان بعد حين لكنه سيمكث ردحاً من الزمن -بعد رحيله بسنوات من بقية مناطق عمان- في ظفار نتيجة وجود طبقات من التخلف في المواقع المؤثرة. فما لم يتحرك المخلصون للثورة على الوضع الراهن فإن الكثير من المال والوقت سيهدر في غير موضعه وتحت شعارات رنانة ووطنية..
الثورة المطلوبة هنا سلوكية وفكرية.. هي ثورة  على التخلف الموجود في المؤسسات الحكومية والثورة على السلوك السيء الناتج عن اليأس من تحسن الأوضاع نتيجة الواقع السيء لهذه المؤسسات وأخص بالذكر هنا مؤسسة الحكم المحلي المتخلفة جداً (مكتب محافظ ظفار) ومؤسسة التربية والتعليم بالمحافظة.
هاتان المؤسستان من أهم ركائز التغيير في المحافظة لأن مكتب المحافظ يدير كل المناطق في ظفار والمدارس موجودة في كل قرية.
مكتب المحافظ يعتمد في توزيعه للولاة ونوابهم ومساعديهم على التوزيع القبلي ولا بأس إن كان مبني على أساس ومعيار حديث لكن ولسوء حظنا ليست لديه سياسة  واضحة لتجديد الدماء أو لاستقطاب للعقول الادارية الواعدة الكفيلة بتطوير عمل المكتب بل يعمل وكأنه يمثل دور الدولة العثمانية في تعاملها مع المنطقة العربية عندما حاصرتها وحافظت على تخلفها لقرون قبل أن تحرضها بريطانيا على الثورة.
لا أستطيع القول أن المكتب يقصد ما يفعل وأنه يكرس تخلف المحافظة عن سابق إصرار ولكني موقن أن السبب الرئيسي لكل هذا الخمول هو وجود أشخاص غير مؤهلين في الأماكن والمراكز التي لا يجيدونها. لهذا أتمنى أن يكون المكتب وراسمي سياساته قد تعلموا من درس الاعتصام الذي كان على بابه أي باب المكتب.
عندما يختل معيار الكفاءة وينخر التخلف في جسد المؤسسة ويحصل الانسداد فلا بد من صدمة لإحداث التغيير.. والصدمات أنواع وأشكال نقطة


السبت، 3 ديسمبر 2011

كسر الحاجز

صباح المساء ومساء الصباح..
ما أحلى الإجازة..
وما أملّها أيضاً..
الجميل أن يصل الواحد إلى حالة نسيان مسميات الأيام وأن يشتغل بالتخمين.. تُرى اليوم السبت أم الثلاثاء ؟!!
شخصيا لم أكثرث... أحسست أن نزع الأسماء عن الأيام سيكون ممتع لبعض الوقت.. ربما لأني أعلم أني سأعود وأُلبس الأيام مسمياتها رغماً عني فالدوام قادم لا محالة.
انقضى شهر نوفمبر العظيم بإجازاته وأعياده وأمطاره وانعدام القريحة التدوينية لدي فيه وبدأ شهر ديسمبر برياح شمالية إلى شمالية شرقية خفيفة إلى معتدلة وباردة ليلاً  والبحر هاديء الموج جداً. بدأ ديسمبر وبدأ معه الشتاء مبكرا رغم أنه يبدأ رسمياً يوم 21 . شخصياً أكره الرياح الشمالية القوية(بوخريقة) لأسباب لن أذكرها. ولكن يجب أن أنوه أن محبي الرحلات اللحمية يحبون الشتاء لأن "المقاديد" تنشف بسرعة وتصبح جاهزة لعمل المعجين منها. السبب أن الرياح الصحراوية تأتي بأقل كمية من الرطوبة رغم برودتها.

من ناحية أخرى لدي رغبة شديدة في تتبع آثار الأمطار الأخيرة خاصة في سمحان( من آخر نقطة تصل إليها السيارة على سطح الجبل إلى حاسك) ولكن إلى الآن لم أجد أحد يرافقني وفي نفس الوقت أنا لا أدل الطريق إلا من خلال جوجل إيرث. بالطبع لا يمكن لعاقل أن يذهب لوحده تلك المسافة وهو في الأصل يجهل الطريق. أتمنى ممن يجد في نفسه المقدرة على اجتياز هذه المسافة بعدته الكاملة أن يراسلني.

كنت في الأسبوع الماضي في الشويمية وكانت آثار الأمطار في الوديان وعلى الطرق واضحة. يبدو أن كمية الأمطار كانت خرافية. فبعد أن كان دخول وادي الشويمية سهل للغاية حتى على "الصوالين" أصبح دخوله بسيارات الدفع الرباعي مزعج جداً نتيجة لانجراف الطريق وحلول الصخور والأحجار مكانه. كذلك فإن الطريق الجديد بين الشويمية وحاسك(تحت الإنشاء) والذي وصل إلى مرحلة لا بأس بها قد  تضرر هو الآخر كثيراً من الأمطار وعطبت بعض المعدات فيه بسبب كمية المياه التي غمرتها رغم أنها أي المعدات لم تكن في أودية. الملفت للنظر أن أشجار اللبان منتشرة بشكل رائع في الأودية والروابي وهي في أبهى خضرتها ولا تشتكي إلا من قسوة الطريق الجديد الذي قضى على الكثير منها دون مبرر.
طريق الشويمية حاسك يُعد من المشاريع الرائعة للبشر العماني وغير العماني وكذلك على الاقتصاد بشكل عام ولكن تأثيره على الحياة البرية بشتى أنواعها سيكون شديداً. أشجار اللبان تغمر بالأتربة والصخور ويتم جرفها دون أي استفادة منها مع العلم أنه بالإمكان نقل كميات كبيرة منها وإعادة زراعتها. كما أن النمر العربي وبقية الحيوانات البرية النادرة ستتعرض إلى إزعاج البشر والتضييق عليها في آخر معاقلها.
لا أقول ما قلت من أجل إيقاف المشروع بل أقوله من أجل تقليل خسائر المشروع على الحياة البرية والأحياء والنباتات النادرة.
هذا ما لدي الآن..
لم أكتب هذه التدوينة إلا لكسر حاجز الجمود عن الكتابة  الذي أصابني منذ فترة علها تكون فاتحة خير لقريحة أفضل. يبدو أن القريحة أصبحت كميزانية الوزارة في نهاية السنة حيث يبدأ عجزها الحقيقي من شهر نوفمبر ويستمر معها إلى نهاية السنة.

إلى الصور..
طريق حاسك الشويمية في موطن أجود أصناف اللبان في ظفار
أشجار اللبان في أبهى حلة ويبدو الطريق الجديد في الخلفية



ملاحظة: الصورة ملتقطة بالهاتف ومعالجة بالفوتوشوب. اضغط على الصورة لتراها بحجم أكبر

الأحد، 6 نوفمبر 2011

عيد أضحى سعيد

كل عام والجميع بخير في كل مناسبة.
وفي هذه المناسبة الدينية السنوية "عيد الأضحى" أتمنى للجميع قضاء أوقات سعيدة وممتعة سواء مع الأسرة أو في السفر، كما أتمنى للحجاج القبول والرجوع معافين إلى أسرهم.
فيما يخص العيد أتمنى للإخوة أصحاب برامج الحمية الغذائية الصمود في هذه الأيام اللحمية الطيبة. أعلم أن الصمود أمام صحون المعجين يعد ضرباً من الجنون ولكن الصبر جميل:).
الذهاب إلى دربات وكهف طيق قد يساعدان المرء على نسيان اللحم(أشك في ذلك :)). وهنا بعض الصور المحفزة للذهاب إلى كهف طيق تحديداً.

"" عيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــد مبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــارك ""
حفرة كهف طيق يوم 3 نوفمبر الجاري ومدخل الكهف مغمور
حفرة كهف طيق يوم 4 نوفمبر الجاري


ملاحظة: اضغط على الصورة لتراها أكبر

الخميس، 3 نوفمبر 2011

شلالات

الأمطار مستمرة بشكل متفرق على المحافظة ولكنها تبدو أكثر على المناطق الشرقية. منذ الأمس ووادي دربات ينقل المياه من الجبل ويسربها إلى خور روري ومنه إلى بحر العرب. والشعب تثيره شلالات دربات مهما كان لون مياهها.. أنا من الشعب :).
اليوم كانت لي جولة إلى دربات وعدة أماكن بين ولايتي طاقة ومرباط. بالطبع الجولة "فضولية" لتفقد آثار السيول الناتجة عن الأمطار القوية التي هطلت على أعالي سمحان.
هنا بعض الصور التي التقطتها بالمحمول وعالجتها بالفوتوشوب:

شلال مابطن شمال دربات
شلال في وادي جيلوب شمال دربات

هناك احتمال لهطول أمطار بشكل أكبر الليلة في صلالة وقد تكون مصحوبة برياح. والحالة مستمرة إلى الغد وربما إلى السبت. 
أتمنى السلامة للجميع وعيد سعيد بلا أحزان إن شاء الله.

الاثنين، 24 أكتوبر 2011

نزارية








.. لم يحدث أبدا
أن أحببت بهذا العمق
.. لم يحدث أبدا
.. أن سافرت مع امرأة
.. لبلاد الشوق
.. وضربت شواطئ نهديها
كالرعد الغاضب ، أو كالبرق
فأنا في الماضي لم أعشق
.. بل كنت أمثل دور العشق
.. لم يحدث أبداً
أن أوصلني حب امرأة حتى الشنق
لم أعرف قبلك واحدة
.. غلبتني ، أخذت أسلحتي
.. هزمتني .. داخل مملكتي
.. نزعت عن وجهي أقنعتي
لم يحدث أبدا ، سيدتي
أن ذقت النار ، وذقت الحرق
كوني واثقة.. سيدتي
سيحبك .. آلاف غيري
وستستلمين بريد الشوق
لكنك .. لن تجدي بعدي
رجلا يهواك بهذا الصدق
لن تجدي أبداً
.. لا في الغرب
.. ولا في الشرق

المصدر : اضغط هنـــــا 

الجمعة، 21 أكتوبر 2011

مؤشرات سيئة

ما يحصل في ليبيا مع القذافي وأسرته على أيدي ما يسمى بالثوار لا يبشر بخير.
التشفي والانتقام مؤشرات سيئة للقادة الجدد لليبيا وعصاباتهم الهمجية.
مثلما حصل في العراق لصدام ومثلما هي الحال في العراق الآن سيكون الوضع في ليبيا، لأن الوطن لم يكن هو هدف رؤساء العصابات وإنما الانتقام من أجل الثروة. 
لا يوجد ما يبرر لهؤلاء معاملة " إنسان " بهذه الهمجية خاصة ممن يرون أنه كان وحشياً ولا إنسانياً مع الشعب. على هؤلاء أن يثبتوا إنسانيتهم للشعب الليبي قبل العالم. صحيح أنه مهم جداً لأمن ليبيا الجديدة القضاء على رموز النظام ولكن يجب أن يترك الثوار الحكم للقضاء الليبي الجديد في الحكم على من يتم أسره إذا كانوا فعلاً يعملون من أجل مستقبل ليبيا. كما أن التمثيل بالجثث ومعاملتها بالصورة التي ظهرت في المقاطع التي تتداول من خلال الإنترنت تبين أن الشعوب العربية لا تزال تعيش بعيداً عن الحضارة والانسانية وأن الثوار الليبيين ما هم إلا عصابة انتقامية.
يبدو أن الثوار سيكونون "خير خلف لخير سلف"..عصابة ترث عصابة مماثلة في الدموية واللاإنسانية. إذا لم تعمل القيادة الليبية الجديدة على تبرير ما حصل  منطقياً ومنع تكرار ذلك مع البقية فإن على ليبيا السلام.
نحن بحاجة إلى تكريس مبدأ التسامح بدلاً من الانتقام والثأر المتغلل في عقلياتنا الجمعية والفردية.. تباً للجهل.

الأحد، 16 أكتوبر 2011

هل الشعب يريد؟

خلص وجع الراس..
انتهت الانتخابات لهذه الدورة من مجلس الشورى
ظهرت النتائج واضحة.. يبقى العمل وفق صلاحيات مجلس الشورى المرتقبة هو المحك الحقيقي للأعضاء المنتخبين.
قالت القبائل كلماتها.. نجحت القليل من الكفاءات  وخسرت بعض الكفاءات... لكن يجب أن نقر بأن كلمة القبيلة هي المسيطرة على مشهد الشورى في ظفار. حتى الكفاءات التي نجحت في الانتخابات كانت معتمدة على التنافس القبلي أكثر من اعتمادها على الكفاءة.
 مبروك لكل من فاز وحظ أوفر لمن لم يحالفه الحظ. 
فيما يلي أسماء الفائزين في انتخابات مجلس الشورى في ولايات محافظة ظفار للدورة السابعة 2011م.
ولاية صلالة:
1- سالم بن سهيل بن السم بيت سعيد
2- سالم بن علي بن أحمد الكثير
ولاية طاقة: سالم بن محمد بن سالم بن سهيل المعشني
ولاية مرباط: سالم بن محمد بن فرج الشحري
ولاية رخيوت: محمد بن سالم بن عيسى بن سهيل العمري
ولاية ثمريت: سالم بن سعيد بن سالم على غواص
ولاية مقشن: صالح بن محمد بن سالم الشعشعي
ولاية المزيونة: سالم بن سعيد بن مسلم الحريزي
ولاية سدح: رامس بن عامر بن سعيد بن مهومد المهري
ولاية ضلكوت: أحمد بن سالم بن علي رعفيت
ولاية شليم وجزر الحلانيات: مكتوم بن سعد بن بخيت مقدم المهري
هذا ما قاله الشعب الذي صوت يوم 15 أكتوبر 2011م.. فهل حقاً الشعب يريد ديمقراطية؟ وهل تخوف البعض من ديمقراطية حقيقية في ظل هذا الوعي المتدني يعتبر خوفاً مبرراً؟ أي هل الشعب غير جاهز للعمل الديمقراطي كما يحلو للبعض القول؟ هناك مبررات للإجابة على السؤالين الأخيرين ببلى ولكن لابد من أن نخوض التجربة وأن نتعامل بصدق مع نتائجها مع البحث الدائم عن حلول أفضل. شخصياً أؤمن بأن التغيير لن يكون مرنا بل سيحتاج إلى بعض الصدمات القوية من أجل أن يعي مجتمعنا واقعه ويسعى بصدق من أجل التغيير والبحث عن الأفضل.
لا أعتقد أن هناك من ينكر أن انتخابات مجلس الشورى منذ باكورة ظهورها قد أظهرت الوجه السيئ لمجتمعنا القبلي. أشعلت هذه الانتخابات القبلية والتفرقة والكره بين فئات المجتمع الواحد وهذا بدوره كان على حساب الراحة النفسية للأفراد وعلى حساب مصالح الولايات بشكل خاص والمحافظة والوطن بشكل أعم.
هذا الجرح الذي أدمته الانتخابات لن يندمل إلا بحركة توعية حقيقية في جيل الشباب الحالي تتناسب مع المرحلة القادمة. 
أخيراً أتمنى أن يكون لأعضاء محافظة ظفار برنامج ربع سنوي على الأقل يلتقون خلاله بالمواطنين ويتم خلال اللقاء ذكر الانجازات(الأفعال) إن وجدت وكذلك مناقشة المواطنين فيما يهم المحافظة.

ملاحظات:
  1. ستة من الأعضاء الجدد يحملون اسم أول مشترك(سالم).
  2. أحد الأعضاء كان من أبرز وجوه اعتصام ظفار وكان ضمن الذين تم نقلهم للسجن في شمال البلاد إبان إنهاء الاعتصامات.
  3. حصل العضو الفائز عن ولاية  صلالة(سالم بيت سعيد) على أكبر عدد من الأصوات على مستوى عُمان(4311 صوت) بدون أي دعاية انتخابية أو تعليق صور!!!.

الجمعة، 14 أكتوبر 2011

صوتكم نقط

انتخابات مجلس الشورى السبت 15 أكتوبر 2011م.
عُمان تنتخب أعضاء المجلس للفترة السابعة 2011م وسط تحالفات قبلية لا تتناسب مع المرحلة.

هل شعار "صوتكم أمانة" الذي نقرأه في كل مكان ونسمعه من كل إذاعة وكل مترشح يعني بالضرورة التصويت؟ هل من حقي أن لا أصوت؟ وهل عدم التصويت خيانة للوطن في ظل ما يجري؟ إذا كان الأمر كذلك فأخشى على نفسي من الوقوع في براثن الخيانة.
صوتك أمانة في مفهومي الخاص قد يعني عدم التصويت في ظروف خاصة كالتي نمر بها لأن المترشحين أنفسهم لا يطلبون منا الأمانة في قرارة أنفسهم. هم منتمون إلى أحلاف ويطلبون أصواتنا من باب الإلتزام القبلي وليس من باب الأمانة. وبين ما يعلنونه وما يضمرون يغيب الوطن وتظل الشعارات هي الشغل الشاغل من أجل تلميع الصورة فقط. 
أعجبتني واقعية أحد المترشحين المعتمد على حلفه حيث لم يفتح خيمة ولم يعلق صورة وهو شبه ضامن وصوله إلى عضوية مجلس الشورى في دورته السابعة. هذا العضو أنا لا أريده ولكنه إفراز لواقع أعايشه ويعايشه الجميع ويجب أن نكون جديين في تغييره أي الواقع من أجل وطن حقيقي للجميع. فهل بقية الأعضاء معتمدين على أنفسهم وإمكانياتهم من أجل الفوز؟ طبعا الإجابة لا. كل المترشحين محاطون بقبائلهم مهما ادعوا أنهم مستقلين والحضور في المقار الانتخابية خير دليل.
الترشيح في ظفار بشكل عام وولاية صلالة تحديداً مبني على أحلاف قبلية ولن تخرج العضوية هذه السنة خارج الأحلاف الكبرى. لهذا لن ينفع أن أبحث عن أفضل السيئين وهو يتكيء على حلفه وقبيلته.
صوتكم أمانة... اختاروا الأفضل... ولكن ليس أفضل السيئين
يجب أن نبحث عن آلية أفضل للدورة القادمة وأن نتعامل مع ما ستفرزه هذه الانتخابات بجدية لكي لا نكرر أخطاءنا في الدورة الثامنة إن ظل الوضع كما هو.
نشوفكم بعد الإفراز والفرز والإعلان... وصوتكم نقط :).

السبت، 8 أكتوبر 2011

أين الأمان؟


الشباب يريد الأمان لكي يتحرر..
جميل أن يتم تقدير عامة الشعب.. جميل أن نعي أهمية صوت الشعب.. جميل أن يلتفت من يعتقد أنه خارج السرب إلى السرب ليس تكبراً بل تقديراً واحتراماً للسرب الذي هو الشعب.. لكن الأجمل أن يحس الشعب أنه مؤثر وأنه لم يعد نكرة وعالة وأن مستقبل البلد هو من سيقرره.
الجميل أيضاً والمبشر بالخير هو أن الجهات الأمنية سمحت لمترشحي مجلس الشورى بتعليق صورهم الدعائية على  لوحات الإعلانات المتناثرة على ضفاف الشوارع وفوق البنايات في جميع المدن والولايات. صحيح أنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها السماح للمترشحين بتعليق صورهم ولكن لا يمكن المقارنة بين هذه الدورة والدورة السابقة، حيث زاد عدد المترشحين وكبرت الصور وانتشرت الاعلانات في كل الولايات.
قبل الشورى، لم يكن بالإمكان أن نجد صور في الشوارع أو فوق البنايات إلا لرجل واحد في هذا البلد ولكن بفضل الإعلام العالمي والعولمة  واستحقاقات المرحلة  أصبح لزاماً لمن يريد أن ينخرط في عمل ديمقراطي أو شبه ديمقراطي أن يعطي فرصة لمن لديه الرغبة في الترشح أن يعرف الناس بنفسه كحدٍ أدنى وهذا ما يتم الآن في عمان حيث استطاع الناخب أن يصل إلى أكبر عدد من المواطنين من خلال صورته واسمه وقليل من البيانات الشخصية.
أعلم أن معظم من ترشحوا لفترة مجلس الشورى القادمة  من ظفار تحديداً ليس لديهم أمل في الفوز ولكن استغلالهم لفرصة الظهور  كشخصيات عامة في المجتمع وتوظيفهم لهذا الحدث الكبير لإضافة سطر في سيرهم الذاتية لهو جدير بالتقدير ونقطة لا يعي أهميتها الكثير ممن يستغربون من هؤلاء كيف أنهم تجرءوا أن يرشحوا أنفسهم في ظل تحالفات قبلية لا تبقي ولا تذر. إن مجلس الشورى والترشح له والتورط فيه فرصة كبيرة لمحبي الظهور الذين يسعون لفرض أنفسهم على الحكومة أكثر من فرض أنفسهم على المجتمع. هذه الثقافة لا تزال مستهجنة من عامة الناس ولكنها هي التي ستسود في المستقبل لأن من يتجرأ ينتصر كما يقول المثل. كما أن الإعلام هو الذي سيحسم المعارك الانتخابية في المستقبل وأقصد هنا الإعلام الشخصي أو الدعاية الذاتية والظهور أمام العامة لكشف أهداف وشخصية المترشح على حد سواء.
تجربتنا –في عمان- إلى الآن جميلة إذا قسناها بأنفسنا فقط لأنها تعطينا جرعة محفزة لعمل أكبر في المستقبل. صحيح أن مجلس الشورى لدينا يُعتبر "لعب عيال" مقارنة بالتجارب الديمقراطية في العالم ولكنه تمهيداً جيداً وفرصة كافية لأن يتحرك الشعب من تلقاء نفسه لإحداث تغييرات في  نهجه وتفكيره  وسلوكه تجبر الحكومة في المستقبل لإحداث تغييرات أو تنازلات لصالح الشعب.
الملفت للنظر وغير المستغرب أن إعلانات المترشحين لا تحمل أي وعود للناخبين وهذا يعود إلى أن صلاحيات مجلس الشورى لا تزال استشارية إلى الآن -كون الصلاحيات التي وعدت بها الحكومة لم تر النور بعد- وعليه فلا يمكن للمترشح أن يعد المواطن بشيء. هذا الأمر ساهم مساهمة كبيرة في بقاء الناخبين في خنادقهم القبلية كون المقعد يُعتبر إلى الآن وجاهي أكثر منه تكليفي أو وطني.
هناك من يقول أن الوقت قد حان لأن يتحمل الشعب نتائج الانتخابات القادمة وأن هذه هي الفرصة المواتية لأن يتحمل الشعب المسئولية وكأن كل الظروف قد تهيأت للشعب. ليس من المنصف أن يتم رمي الحمولة على الشعب في حين أن الحكومة لم تساعد المواطن لكي يتحمل المسئولية. لا يزال المواطن لا يشعر بالأمان الحقيقي لذلك تجده يرجع دائما إلى قبيلته وتحالفاته. المواطن لم يحس بجدية الحكومة في العملية الديمقراطية والإصلاح وخاصة الشباب لهذا لا يمكن لهم -رغم مقتهم الشديد للتحالفات القبلية ورغبتهم الشديدة في الخروج من هذا المستنقع- أن يتركوا ما وجدوا عليه آباءهم وأجدادهم مقابل لا شيء أو بدون ضمانات.
لا بد أن نتذكر أن الحركة الشبابية الأخيرة التي نتج عنها ما نتج من توظيف وإرباك لخطط الحكومة، قد كشفت عن مشكلة كبيرة جداً وهي أن اتخاذ القرار النهائي ليس بيد الشباب. ظلت القيادات القديمة هي الموجودة سواء في المجتمع أو في الحكومة وظل الشباب في حيرة من أمرهم  هل يستمرون في المطالبات عن طريق الاعتصامات  والاحتجاجات أم يتركوا الأمر للظروف والضغط الإعلامي النتي تحديداً ويظلوا هناك في العالم الافتراضي بينما العالم الواقعي يتحزب بحثاً عن الأمان.  لذلك لا تزال الساحة بيد الحرس القديم والشباب متفرجون أو مهمشون عندما رجعوا إلى تجمعاتهم وقبائلهم. نعم كونوا قوة غير عادية عندما تجمعوا في اعتصاماتهم ولكنهم رجعوا فرادى إلى قبائلهم مما حدا بهم إلى الانخراط فيما كان عليه آباءهم أو ترك العملية برمتها وإخلاء الساحة للاعبين القدامى(الخبرة).
صحيح أن معظم الشباب العاطل  اشتغل وخاصة ذوي الشهادات ولكن الأمر الديمقراطي لم يتم استيعابه بعد وأصبح الشاب الذي نادى بالحرية  ونبذ التحزب الجاهلي أمام حيرة كبيرة من أمره هل يشغل ضميره أم يرجع إلى المنطق الواقعي والبراجماتية؟ هذا واقع لم تسعفنا تجربتنا البسيطة في تجاوزه.
عندما أرادت الحكومة أن تحمي المها العربي والغزلان والطيور وغيرها من الحياة البرية سنت لها القوانين الكفيلة بإنجاحها وطبقتها  ونجحت، ومثل ذلك ينطبق على كل شيء في عمان ومن ذلك الديمقراطية وخاصة في الشورى.
الخلاصة أن على الحكومة – كونها اللاعب الأكبر في الساحة- أن تكون جادة وسترى الشباب ماذا سيفعل عندما يحس بالأمان.
  ********

بعضما قالوا
تعليقات على  بعض ما قرأته في لوحات المترشحين:
أحدهم يقول: "أصواتكم أساس التغيير ومعاً نحقق الهدف" وهنا من حق المواطن أن يعرف أي تغيير وكيف سيكون وما هو الهدف وكيف ستصل بنا إليه؟!!.
مترشح آخر يقول: " بوعيكم صنعتم المرحلة وبدعمكم وخبرتنا نواصل المسيرة "  ومن حق المواطن الناخب أن يسأل أي مسيرة؟ وكيف صنع المواطن المرحلة إذا كان المجلس هبة من الحكومة؟!!!!
مترشح آخر يقول:" معاً من أجل التنمية وبناء المستقبل" ومن حق المواطن أن يسأل كيف ستقوم بذلك لكي نساعدك؟!!
وهناك مترشحين صريحين قالا: " بأصواتكم نحقق الآمال"  و " معاً الطموح يصبح واقع" وأنا هنا أحيي هؤلاء على صراحتهم الغير مقصودة -ربما-  لأن العبارتين السابقتين تحتملان معنيين أو حمّالتي أوجه كما يقول الفقهاء. أسوأ المعنيين يقول بأصواتكم سأحقق أنا آمالي بالوصول للمجلس. كما أن الآخر قد يقصد أنه كان يطمح بالوصول إلى المجلس وبأصواتنا سيحول هو طموحه إلى واقع. من حق المواطن أن يعرف كيف سيقوم هذا العضو أو ذاك بشرح تلك العبارات العامة.
أحد المترشحين قال في لوحاته: "الرؤية الشاملة" كأنه اسم شركة :) و " بصوتك يبدأ التغيير" و " صلالة تستحق الأفضل.. حان وقت التغيير " و " جيل جديد لمرحلة جديدة ". لا أدري ماذا تعني عبارة "حان وقت التغيير في صلالة"؟!! تغيير ماذا؟ وما عساه أن يغير في مجلس لا توجد فيه صلاحيات ؟ وماذا سيفعل أكثر من الحكومة كما قال عادل إمام(إنته تعرف أحسن مالحكومة؟!).
اعجبتني عبارة أحد المترشحين التي قال فيها: " ترشيحكم لنا أمانة سنحملها بكل صدق". لقد اختار العبارة التي تتناسب مع المجلس. أنا أعتبر ذكره الأمانة أمر هام جداً ولكن لا نستطيع أن نتحقق من مدى أمانته إلا بعد أن يجرب هو أربع سنوات كعضو في المجلس، أحس أنه ذكي جداً الله يوفقه :).
مترشح آخر أتى بعبارة قوية جداً وهي " كفاءة الأفعال أصدق من الأقوال".. بالفعل الأفعال أفضل من الأقوال ولكن كيف؟! وهل هناك شيء على الأرض يدل على أن أفعال سعادتك أفضل من المترشحين الآخرين مثلاً؟، قد يكون لهذا المترشح أعمال خيرية أنا أجهلها.
أحد المترشحين كان شعاره متناسب مع مجلس الشورى وبدون شطحات قال " تنفيذ اختصاصات مجلس الشورى بفعالية لتنمية مستدامة" وهذا يعطيني انطباع أنه ما راح يفعل شيء لأن مجلس الشورى بدون اختصاصات تنفيذية  إلى الآن ولكن المترشح هنا يعطينا أمل أن الصلاحيات التي ستمنح للمجلس سيقوم هو بتنفيذها بفعالية من أجل التنمية المستدامة التي نحن بحاجة إلى شرح ماذا تعني؟! علف مثلاً :)؟!
قبل أن أختم أحببت أن أضع هذه العبارة التي رصدتها في إحدى ولايات محافظة ظفار لأحد المترشحين تقول: " أريافنا الخضراء رمز عزتنا ومن مراعيها مصدر رزقنا فلنحافظ على صيانتها" .. لا أدري هل هذه اللوحة تخص وزارة البيئة أم الزراعة أم أن صاحب هذه اللوحة لديه النية لتمديد فترة الأمطار الموسمية؟!.. لا شك أنه يدغدغ عواطف الرعاة لكنه نسي أن يلعب على وتر الأعلاف الأكثر إطراباً لنا نحن الرعاة :).
الختام مع المترشح السوبر الذي خاطب الكبير والصغير.. الذكر والأنثى.. صاحب العبارات الرنانة التي تدغدغ المشاعر. هذا المترشح خاطب الشاب والمرأة وخاطب صلالة ومن أجل صلالة، تكلم عن الاستثمار والسياحة ولكنه نسي أو تناسى الأعلاف :). هو صوت الشباب  النابض من أجل صلالة، لديه عبارة شهيرة تقول: "العيش الكريم والعدالة الإجتماعية حق كل مواطن ". هذه العبارة لا تصلح لمترشح مجلس شورى بل هي شعار حملة شخص مترشح لرئاسة حكومة. شخصياً استغربت كيف سمحت الجهات الأمنية باستخدام هذه العبارة لمترشح مجلس شوري لا يقدم ولا يؤخر إن فاز. بطبيعة الحال العبارة قمة في الروعة ولكن ليس لهذا المترشح أو ذاك أن يدغدغ بها مشاعرنا دون أن نعرف ماذا يمكن لعضو مجلس شورى أن يفعل في ظل عجز وزراء عن أداء مهامهم لصعوبة المهام ولقلة الخبرة.
 معظم العبارات تلمح إلى أن الوضع الحالي بحاجة إلى تغيير وأن المترشح سيكون السبب في ذلك. لم يستخدم المترشحون  في لوحاتهم الإعلانية عبارات تلمس واقع الانسان البسيط ولم يتطرقوا إلى محاربة الفساد أو النهوض بالتعليم أو حل مشكلة البطالة. لم يتحدث أحد عن البيئة أو التلوث. لم يتحدث أحد عن المياه أو النفط أو الأسعار أو الرواتب أو  أو أو... يبدو أن هناك عبارات محظورة لا يمكن هم استخدامها لذلك ظلت الشعارات عامة و مبهمة ولا تحمل مضمون حقيقي.
ملاحظة: يجب أن أشير إلى أن بعض المترشحين كانوا على تواصل مستمر مع الناخبين من خلال مقار انتخابية أقاموها  للتواصل مع الجمهور وهم لا يزالون مستمرين في محاولاتهم انتزاع أصوات الناخبين. هذه الحركة هي أروع ما في العملية برمتها حيث أن المواطن استطاع أن يناقش المترشح بشكل مباشر وأن يصل إلى معرفة بمدى قدراته كما أن المقار أصبحت دورات تدريبة للجمهور وحلقات نقاش مفتوحة.

ملاحظة أخرى: هذه التدوينة ليست مكرسة ضد أي من المترشحين ولكن المترشحين وضعوا أنفسهم أمام الجمهور كشخصيات عامة وجب علينا أن نتناولها حسب ظهورها الذي رأيناه.
أتمنى للجميع التوفيق..

الاثنين، 26 سبتمبر 2011

سبع معلومات عن محفيف

شكراً للأخت أماسي صاحبة خربشات على الإهداء في تدوينتها الأخيرة، بعد أن ذكرت سبع معلومات عن شخصها الحقيقي. ذلك الإهداء الذي سيكلفني سبع معلومات حقيقية عن شخصي الحقيقي المتمترس خلف قناع محفيف. حاولت أن أكتب سبع معلومات بلغة الكفار في مدونة خربشات ولكن يبدو أن ذلك غير مجدٍ في ظل الديمقراطية واحترام القانون الذي ننادي به كل فجر وغروب وعليه فلابد من الكتابة هنـــــــا كما طلبت أماسي.
بما أن محفيف شخصية مجهولة ووهمية فإن ما سأطرحه هنا ليس عن المحفيف الذي يوضع كالعقال على الرأس بدون مصر وإنما عن الشخص الذي يضغط الآن على لوحة المفاتيح.
بسم الله..
1.        اسمي يبدأ بحرف الميم (مش محفيف)
2.        خلصت من جامعة السلطان قابوس- إحدى الكليات العلمية-  في نهاية القرن الماضي
3.        أعمل في مصلحة حكومية في صلالة منذ القرن الماضي
4.        أسوق سيارة دفع رباعي ليست من القرن الماضي
5.        أسكن السعادة في بيت تم بناؤه في القرن الماضي
6.        أحب الشاهي الأحمر (شاهي حطب)
7.        ما أحب صوت موج البحر  ولا الصفيلح :)
هذه المعلومات تنطبق علي وقد تنطبق علي فقط لذلك سأحملك -يا أماسي- أي نتائج للديديكيشن حقك:).

الأربعاء، 21 سبتمبر 2011

كل 10 كيلو

في مطلع التسعينيات من القرن الماضي بدأت أول رحلاتي خارج السلطنة. كانت فكرة الرحلة قد تخمرت أثناء فترة امتحانات الثانوية(الأول الثانوي) نتيجة ضغط الامتحانات. كنت مع ثلاثة من الزملاء في إحدى غرف السكن الداخلي في الدهاريز وكنا ندرس في الثانوية الوحيدة في ظفار آنذاك؛ السعيدية الثانوية ( أصبحت الآن ظفار الثانوية). بين الحين والآخر نحاول أن نكسر روتين وملل المذاكرة بطرح أفكار جنونية ومنها السفر إلى دبي وما أدراكم ما دبي. دبي التي "يأتيها الشايب ويرجع منها صبي" كما يُقال. كانت فكرة السفر إلى دبي كفيلة برسم صورة مسبقة عن نية المسافر ولا أخفي أحد أن الفكرة التي طرحناها كانت مبنية على النية السيئة التي -يعرفها الجميع- وإن كانت من باب الدعابة وكسر الملل. في نهاية الحوار اتفقنا أنا وأحد الثلاثة أن نسافر فور انتهاء الامتحانات بينما امتنع اثنان عن المخاطرة بسمعتهم. ظل الأمر سراً بيننا وكدت أن أنسى الموضوع لولا أن زميلي ذكرني بالموضوع فور انتهاء الفصل الأول وبداية إجازة نصف السنة.
اتجهنا إلى مكتب النقل الوطني في السوق المركزي واشترينا التذاكر إلى مسقط على أن نشتري التذاكر المؤدية إلى دبي من مقر الشركة في روي رغم أن تذاكر الطيران للطلبة آنذاك كانت لا تتجاوز الـ 34 ريال(طيران الخليج) من صلالة إلى مسقط لكن "الميزانية" لم تكن تساعد كما أن السفر وفكرته كانا سراً  لا يمكن البوح به، الأمر الذي حدا بنا إلى تجنب طلب أي مبالغ إضافية من أهلنا  غير ما جمعناه من المصروف الشهري الذي كنا نتقاضاه من وزارة التربية كوننا من مناطق نائية.
كانت الرحلة مملة طبعا لكن الأفلام الهندية التي كانت تعرض كسرت القليل من الملل لأن الرحلة أطول من إنتاج بوليوود من الافلام لسنة كاملة(كلام غير دقيق طبعا). الطريق طويل والمسافة بين محطات التوقف لا تقل عن 100 كيلو وبعض الأحيان تصل إلى 200 كيلومتر. هذا كان في بداية التسعينيات(تقريبا بداية 91).
الآن وبعد مرور 20 سنة لا تزال المسافات بين المحطات هي نفس المسافات  ولا تزال نفس المحطات بخدماتها العادية  موجودة بالرغم من أن الزيادة في المسافرين قد تضاعفت أضعاف مضاعفة.
منذ تلك الرحلة وإلى الآن استخدمت نفس الخط أقل من 15 مرة وكانت المشاهد تتكرر وقد لفتت نظري لوحة توضيحية  كانت تتكرر دائما وتثير فضولي لمشاهدة ما هو مكتوب فيها. كانت اللوحة تبين أن هناك مواقف للسيارات كل عشرة كيلومترات. كنت أعتقد أن المقصود بالمواقف هو محطات التوقف أو ما يعرف بالاستراحات لكن العشرة كيلومترات تُطوى وتُطوى بينما المواقف لا تُرى!.. إيش السالفة؟!!
مواقف للسيارات على خط صلالة مسقط كل 10ك
عندما استخدمت سيارتي الخاصة في السفر على طريق صلالة مسقط بعد أن فتح الله علي بوظيفة في الحكومة، فهمت ماذا تعني اللوحة. لقد كانت تعني تلك المواقف الملتصقة بالطريق والتي لا تكاد تكفي لسيارة واحدة. وقد عذرت نفسي لعدم فكي للغز منذ عشر سنوات ونيف  لأن المواقف المعنية لا تكاد تميزها من الطريق العام إذا لم تراقب عداد المسافة منذ ظهور أول لوحة وحتى اكتمال العشرة كيلومترات.
في رحلتي الأخيرة قبل أيام لاحظت اللوحات والمواقف كل عشرة كيلومترات لم تبرح أماكنها فقررت أن أصورها وأعرضها هنا لكي تستفيد منها البشرية جمعاء :). وفي نفس الوقت فإنها ستختفي بعد عدة سنوات لأن الطريق سيتم بناؤه من جديد وسيكون مزدوجاً وقد تتضاعف مساحة المواقف المستقبلية وتصبح المواقف الحالية جزء من تاريخنا. 
لولا أن الصحراء العمانية فسيحة وواسعة لكانت هذه المواقف قد سببت الكثير من الحوادث كونها ملتصقة بالطريق ولا أستبعد أن تكون قد تسببت في حوادث سابقة.
أرجع لرحلة دبي فقد كانت الرحلة من مسقط إلى صلالة طويلة. استمرت لمدة 12 ساعة بالتمام والكمال وكان كل شيء يتكرر وكان الباص لم يبرح مكانه إلى أن وصلنا أدم. من أدم بدأت تظهر الجبال والبيوت والسيارات وأحسست أن الباص بدأ يتحرك لأن المناظر لم تعد تتكرر أو تتشابه لدرجة التطابق كما كانت في الصحراء.
وصلنا مسقط  وكان منظر برج الصحوة رهيب وبديع. كان ثاني صدمة حضارية أتلقاها بعد خزان أحد المياه المرتفع في معسكر الجيش القريب من دوار أم الغوارف في السعادة :). وصلنا روي وطبعاً مررنا بمركز عمان التجاري الذي صدمني للمرة الثالثة وتلقيت الصدمة الرابعة من فندق شيراتون. بهذه الصدمات أصبح محفيف جاهز للسفر إلى دبي، فقام على الفور بشراء تذكرتي ذهاب فقط :).
بعد أن تم بناء بيت الحافة في صلالة سمحت الحكومة لشركات النقل البري في صلالة بفتح رحلات مباشرة إلى دبي وذلك بعد أن ضمنت أن الصدمات الحضارية سيكون وقعها أقل علينا من ذي قبل وبهذا أعفتنا من السفر إلى مسقط ومشاهدة برج الصحوة(هنا الكلام غير حقيقي:)).
هذا الأمر تطبقه شركة الطيران العماني بشكل متكرر منذ فترة ليست بالقصيرة، فقد تجد نفسك مضطراً لأن تسافر من صلالة إلى دبي والعكس من خلال مطار مسقط الدولي بينما كل المؤشرات تحتم على نفس الشركة أن تفتح رحلات يومية ومباشرة من وإلى دبي من مطار صلالة، علما بأن هناك رحلتان مباشرتان أسبوعياً إلى دبي لا ندري متى سيتم إلغاءهما لإجبار المسافرين لمشاهدة مطار مسقط الدولي. ربما الأمر مرتبط بتخفيف الصدمة الحضارية سواء الإنبهارية(من قِبلنا) أو تلك العكسية المحبطة(القادمون إلينا) عندما تأتي من بلد متطور إلى آخر متخلف.. ربما! من يدري!..
بالوصول إلى دبي زادت الصدمات وطاح المحفيف.. لا تفهموني خطأ، فقط كانت صدمات حضارية فقط Cultural Shocks.
للتواصل راسلني على: hesheandme@gmail.com