الأحد، 30 يناير 2011

سوء ظن!

أخبار كثيرة تدور حالياً في فضائنا والفضاء المحيط بنا. لعل أهمها الزلزال التونسي وتوابعه. فقد انتفض بعض عرب أفريقيا على ولاة أمرهم وأطاحوا بإله واحد على الأقل وأردوا الثاني جريحاً إلى الآن. فلا يزال كبيرهم يترنح على أرض الكنانة بعد أن فقد حصانه وحاشيته وانكسر سيفه. لا يوجد أمل في بقاء مبارك في السلطة إلا بدعم مباشر من شرطي العالم.

في الجانب الآخر من بلاد العرب حصل أول استشعار حكومي واستباق لما قد يحصل من هزات ارتدادية لزلزال أفريقيا المرعب. فتم -اليوم رسميا- الإعلان عن شبكة التجسس الإماراتية في عمان بعد عدة أشهر من التحريض و التحليل والتأويل والتكذيب والتشكيك..إلخ.

الذين يبحثون عن ما وراء الحدث سيتسألوا عن سبب توقيت إعلان الحكومة لهذا الخبر بشكل رسمي وعبر وكالة أنبائها علماً بأن الموضوع لم يعد خافياً على أحد. فقد تم تداوله بتسريب متعمد من الحكومة وتناقلته المنتديات حتى الثمالة. فهل أحس النظام العماني بخطر الحريق في أحواش بلاد العرب الأفريقية؟!

أعتقد أن هناك نوع من استغلال للحدث الراهن لضرب عصفورين بحجر واحد. فهناك خوف من تداعيات المظاهرات في مصر واليمن والأردن على الوضع في عمان وغير عمان. كما أن الإمارات قد لا تكون رضخت لما تريده عمان خلال الفترة الماضية. فقد تكون هناك مساومات قد جرت قبل هذا الإعلان لإزاحة محمد بن زايد وتجريده من بعض صلاحياته(عقابه) مقابل السكوت رسمياً عن القضية. اعتقادي أن الإمارات لم توافق أو ربما أن الشيخ خليفة لا يملك القوة الكافية لفعل ذلك، وهذا ما حدا بالعمانيين إلى إعلان ألأمر رسميا(مجرد تكهنات محفيفية).

فيما يخص تداعيات ما يحصل في مصر على وضعنا فإن الساسة هنا رأوا أنه من الضروري احتواء الشعب - الذي يئس من وضعه المعيشي ومن الفساد(وذلك سبب الثورة في تونس ومصر)- وشغله بقضية وطنية. رأوا أن قضية الخلية هي التي وحدت وشغلت العمانيين في الفترة القليلة الماضية. فقد كان توقيتها في غمرة احتفالات البلاد بالعيد الأربعين وكانت بمثابة الدمية التي يلتهي بها الطفل عن أمه إذا أرادت أن تتفرغ لعمل آخر في البيت أو خارجه. كانت خيبة أمل الشعب كبيرة فيما كان يتوقع أن يحمله هذا العيد من تباشير لتحسين وضعه المعيشي أسوة بالجيران النفطيين المحسوبين(نحن) عليهم. لكن رغم ذلك ظل الشباب منشغلاً في أحيان كثيرة في التفكير في هذه القضية بعيداً عن التركيز بشكل مباشر على الفساد والبطالة وغيرها من المشاكل التي لا تخفى على أحد. وهنا يمكن القول أن الجهات الأمنية نجحت إلى حد كبير في إلهاء الطفل.

اليوم يأتي دور الجزء الثاني من هذه القضية وهو الإعلان رسمياً، والذي يمكن أن يلهي الشباب عن الوضع في مصر وتونس لكي لا يقوم بحركة تبدأ شبه عفوية ومن بعدها تتطور وتكبر كما حصل في تونس ويحصل الآن في مصر. فالوضع في عمان يشبه الوضع في مصر ولكن بصورة مصغرة. هناك فساد؟ نعم.. هناك إقطاع؟ نعم. هناك تسمين قطط؟ نعم.. هناك عدم توزيع عادل للثروة؟ نعم.. هناك الشخص الخطأ في المكان الخطأ؟ نعم.. هناك تطبيل وتكبير لما لا يستحق التكبير؟ نعم.. هناك بطالة؟ نعم.. إذن الوضع متقارب.

هذا لا يعني أن مشكلة الخلية ليست مشكلة.. بالطبع هي قضية كبيرة ولكنها قد أخذت حقها ويجب أن نتجاوز هذه المرحلة ونتركها للقضاء وألا يتم استغلالها بهذه الطريقة الرخيصة.

نريد تجديد لآلية تعامل السلطة والجهات الأمنية مع الشعب. فرغم الثقة الكبيرة في شخص جلالة السلطان إلا أن الجميع بدأ يتذمر من الطريقة التي آل إليها الوضع العام. هذا يعني أن الحكومة شاخت وبحاجة إلى تجديد للدماء. نريد إصلاح حقيقي وحرية حقيقية قبل أن تصل الأوضاع إلى نقطة اللاعودة.

فالمستحيل قد يصبح ممكنا، وتحية لكل وطنيّ.

السبت، 22 يناير 2011

مجلس الشورى.. ماذا قدم لي؟

اليوم يُفتح باب الترشح لمجلس الشورى لمن يرى في نفسه المقدرة والكفاءة لخدمة ولايته بشكل خاص وعمان بشكل عام. وعلى الرغم من أن المجلس لا يحظى بأي صلاحيات تنفيذية ولا نرى له انجازات على الأرض إلا أن الحماس لدى بعض الشباب لا يزال في أوجه هنا في ظفار بسبب التنافس القبلي.

لا شك أن فكرة مجلس الشورى - كفكرة نظرية مجردة- جميلة جداً وهي مدخل رائع لمساعدة الشعب ودفعه لتعلم الديمقراطية أو "شمها" على الأقل إن صح التعبير، لكن المتتبع لتطورات وتداعيات انتخابات مجلس الشورى على صعيد محافظة ظفار يتضح له أن النتائج - إلى حدٍ كبير- عكسية.

لم يستطع أعضاء مجلس الشورى- بشكل عام- إقناع أي وزير بتغيير سياسة وزارته منذ إنشاء مجلس الشورى في 1991م وإلى الآن حسب علمي. علماً بأن الأداء الحكومي بدأ في الترهل منذ ذلك الوقت وإلى الآن على جميع المستويات، إذا استثنينا بعض المشاريع الكبيرة والوزارات المستحدثة التي لم تظهر عيوبها بشكل كبير بعد.

ظهرت مشاكل البطالة بشكل ملفت للنظر منذ التسعينات وحاولت الحكومة حل المشكلة بطرق حالمة جداً لم تثمر، ولكن المجلس لم يحرك ساكناً تجاه كل هذا أو ربما لم يستطع أن يقف في وجه من يسيرون الأمور في عمان وهذا من وجهة نظر المواطن يُعتبر فشل للمجلس حتى وإن كانت صلاحياته لا تصل إلى حد إلغاء خطط حكومية معينة أثبتت فشلها في ربع الطريق. يظل المواطن العاطل بحاجة إلى حركة أكثر من قبل ممثليه لإزعاج الحكومة وإقناعها بإيجاد حلول ناجعة لهذه المعضلة.

انطلاقا من صلاحيات المجلس والنتائج على الأرض فإن انتخابات مجلس الشورى في ظفار بشكل خاص لا أراها أضافت شيء ملموس للمواطن البسيط، ولم تصل النتائج إلى مستوى متدني من الطموح بل هي أقل من ذلك بكثير. فقد أحدثت انتخابات مجلس الشورى شرخ كبير في المجتمع الظفاري بشكل خاص(لا أعلم عن تأثيره في المناطق الأخرى) وأحدث عداء وفرقة بين القبائل بشكل أعاد لنا المشاكل المدفونة منذ ما قبل الثورة في ظفار.

لم تبدأ المشكلة مع بداية انتخابات المجلس بل بدأت بعد دورته الأولى أو الثانية على ما أذكر. فقد كان الانتخاب على أساس التحزب القبلي الصرف مما أدى إلى غليان الشارع والحارات والمناطق فيما بينها بشكل لا يمكن وصفه إلا ببذرة بركانية ستنفجر في أي وقت في المستقبل وستكون آثارها خطيرة على الوحدة الاجتماعية في المدن والأرياف في ظفار. هذا التحزب "الجاهلي" لا يُلام عليه المجتمع(المتهيئ له) ولا المجلس بل اللوم يقع على المسئول عن عدم التمهيد لتقبل التحول المنشود في المجتمع العماني القبلي من الولاء للقبيلة إلى الولاء للوطن. كما أن الحكومة لم تحاول تثقيف الشارع بأهمية مجلس الشورى بل تورط في تأجيج المشكلة أشخاص في الحكومة (بصفتهم القبلية) ولم تحرك الحكومة ساكناً للحد من أفعالهم. أي أن الحكومة هي المسئولة عن كل التداعيات والنتائج السلبية لهذه التجربة كونها المشرع والآمر والناهي.

بما أن المجلس لم تصل نتائجه إلى مستوى طموح المواطن العادي أو المثقف أو المتثاقف فإن إعادة النظر في هذا المجلس وتقييمه تقييم حقيقي يجب أن يكون في أولويات الحكومة إذا كانت النية "صافية" لتطوير عمل الشورى للتمهيد لعمل برلماني حقيقي في المستقبل. مستقبل عمان بحاجة إلى تقييم الوضع الراهن بشكل عام وما يختص بالتمهيد للديمقراطية بشكل خاص، على اعتبار أن البلاد ماضية في هذا الأمر وفي تطويره.

********

قبل أن تبدأ انتخابات الدورة القادمة فإنني أقترح أن تتم الدعوة لعقد اجتماع عام مع أعضاء مجلس الشورى(في ظفار) لهذه الدورة التي لم تنتهِ بعد ويتم الاستماع إلى ما أنجزوه على الأرض والملفات التي شغلتهم خلال الدورة السادسة والمعيقات التي صادفوها. هذا الاجتماع سيكشف للجميع مدى فاعلية هؤلاء الذين انتخبناهم وضحينا بمجتمعنا من أجلهم. سنعرف إذا كان المجلس مهم للمواطن البسيط أو للولاية أو للمنطقة أو للقطر بأكمله. ستظهر لنا نتائج قد نستفيد منها بشكل كبير إذا أردنا أن نستفيد.

على حد علمي فإن أعضاء مجلس الشورى في ظفار لم يقدموا لولاياتهم أي شيء يُذكر. قد أكون ظلمت بعضهم ولكن النتائج على الأرض هي التي تهمني. سأسأل مثلاً عضو ولاية المزيونة أو ضلكوت أو رخيوت أو ثمريت أو طاقة أو مرباط أو سدح أو شليم والشويمية أو مقشن أو العضوين من ولاية صلالة ماذا انجزتم لولاياتكم أو المحافظة أو عمان؟... الإجابة لا شيء!.. صلاحياتنا لم تسمح لنا بكذا وكذا وكذا..

هذا لا يعني أنهم لم يبذلو جهد خلال فترتهم. قد يكون هناك جهد مبذول ولكن طريقة العرض لم تكن مقبولة. كذلك فإن إمكانيات هؤلاء -أو بعضهم- لا تمكنهم من الدفاع عن ملفاتهم-إن كانت هناك ملفات- بطريقة تقنع الجهة التي يناقشون الملف معها. وهذا سيدفعنا إلى التفكير في آلية الاختيار في الدورة القادمة. سيدفعنا ذلك لاختيار من هم مؤهلين علمياً وعملياً للمواجهة العاقلة المقنعة مع الوزير وغير الوزير.

أقول هذا مع قناعتي الكاملة بأن مجلس الشورى بصورته الحالية لا يخدم المواطن العماني بأي شكل من الأشكال.

مع كل هذا، يظل هناك أمل إذا تم انتخاب أعضاء متحررين من قبائلهم وأقاليمهم ولديهم أجندة وطنية تتعدى اختصاصات المجلس، لكي يقوموا بالضغط على الحكومة لتغيير المنهجية التي تدار بها البلاد الآن والتمهيد للتغيير الذي تتطلبه المرحلة الحالية والقادمة على كل الأصعدة. لا أدري كيف ولكن يجب أن تتحرك النخب بصورة مدروسة دراسة حقيقية ولا تنتظر الشارع حتى يتحرك بعشوائية تقضي على ما قد تم.

******

إلى الآن لم أنتخب... إلى الآن لم أقتنع... لن أنتخب إلا من يقنعني ... لن أنتخب إلا إذا اقتنعت بجدوى المجلس حتى وإن أقنعني العضو..

ماذا قدم لي مجلس الشورى؟... لا أعرف.

الاثنين، 10 يناير 2011

للتواصل راسلني على: hesheandme@gmail.com