السبت، 20 فبراير 2010

خبور..!

بدون مقدمات:هل تأخذ انطباع مسبق (سلبي/إيجابي) عن إنسان ما من خلال إنسان آخر؟
أعتقد أن كل إنسان يعتبر نفسه طيباً مهما كان سلوكه تجاه الآخرين، ولكن الآخرين هم من يقيمون ويحكمون على مستوى طيبته من خلال الاحتكاك وردات الفعل أثناء التفاعل مباشرة معه أو أثناء مراقبته عندما يتعامل ويتفاعل مع الآخرين.

وبما أننا أمة "خبور وشي علوم" وما إلى ذلك فإننا نتأثر كثيرا بحكم الآخرين على آخرين. فقد تجد نفسك تكره شخصاً ما نتيجة تجربة شخص آخر وليس عن تجربة ذاتية. كثيراً ما وقعتُ وأقع ضحية هذه السذاجة إن صح التعبير وهي أنه يتكون لدي انطباع مسبق عن شخص ما قبل مقابلته والتعامل معه بحكم أنني سمعتُ عنه كلاما من شخص آخر. طبعاً هذا الآخر ينقل انطباعه حسب تأثر مصلحته من الآخر(المحكوم عليه) أو حسب تأثير الآخر على مصلحته وحسب ردة فعله لنقاش معين أو ما إلى ذلك. فمثلا قد يقول قائل أن فلاناً بخيل.. لماذا؟ لأن أخينا قابله بعد صلاة العصر وما عزمه يشرب شاهي عندهم.. طبعاً أخونا ما راح يقول أن فلاناً ما عزمني لا.. راح يقول أنه بخيل ما يحنط! فقط. المتلقي(محدثكم) قد يكون صندوقاً في بعض الأحيان وعن طيب خاطر وبدون ما يحس يتم حشر هذه المعلومة في عقله الباطن(برمجة عصبية مخية إلخ) ويقوم باستدعائها مباشرة أول ما يرى الشخص الذي لم يعزم أخينا!.. وقد يكتشف-في الغالب- أن ما قيل عن هذا الشخص غير صحيح وعكس ما هو عليه تماماً.

وقد يقول آخر أن المدير المالي في مديريتنا أو وزارة ما أوحتى عبد النبي مكي والوزير الفلاني والعلاني قد يقول عنهم كلاماً يعطينا انطباعاً مسبقاً عنهم قبلما نتعامل معهم شخصياً وقد يكون هذا الانطباع في الغالب قاسياً ومجحفاً جداً. يجيك ثالث يقول أنا رحت عند الوزير الفلاني وطلبت كذا وكذا وقد لبى الوزير طلبي جزاه الله خير.. والله إنه من أخوان شمة!.. على طول وبحكم علاقتي الطيبة بشمة وأخوانها ينطبع في بالي أن الوزير الفلاني -الذي لبى لصديقي مصلحته الفردية على حساب المال العام- هو الوزير الوحيد الذي يحب الوطن والمواطنين.

بطبيعة الحال هذا أمر طبيعي(أن تأخذ انطباع مسبق) إلى حد كبير وليس عيباً أن نأخذا الانطباع المسبق عن أي شخص أو أي سلعة أو أي بلد ولكن العيب أن لا نعيد النظر في أي معلومة ترد إلينا.. بمعنى آخر يتوجب علينا أن نضع الاحتمال ونقيضه حتى لا نتفاجأ في يوم ما بأننا كنا مخدوعين بمعلومات غير منصفة .. فقد تقودنا هذه المعلومات لارتكاب حماقات كان بالامكان تجنبها بالقليل من التأني وتشغيل المخ الثاني(الشرير أو التفكير العكسي الشكي)...

الخلاصة أن إحسان الظن بالآخر هو الأساس ما لم يثبت العكس، والعكس هذا لا يمكن أن تستقيه من الآخرين بل عن تجربة مباشرة.
فهل الانطباع المسبق مسيطر عليكم ؟(إلّي يقول لا فهو غير طيب هاهاها)..

عصيدة بن عتيق هي الأفضل... انطباع مسبق :)

تحياتي

الأربعاء، 17 فبراير 2010

الربوع والجمعة

ليست الأيام مثل بعض وليست الأصابع مثل بعض وليس البشر مثل بعض وليست الوزارات مثل بعض وليست الدول مثل بعض وليس البطاطس نوع واحد. واو.. يا لها من بداية.. مقدمة جميلة، أما بعد فإن اليوم هو يوم الأربعاء أو يوم الربوع.. كما يعلم الجميع فإن اليوم هو بداية إجازة نهاية الأسبوع العملي لموظفي الحكومة ومن شاكلهم من طلاب وموظفي الشركات ذات الصبغة الحكومية.

من منا لا يحب هذا اليوم؟! بالطبع الجميع يحبه بالرغم من أنه ليس يوماً مباركاً كيوم الاثنين أو الخميس التي يصومهما بعض المطاوعة ومعظم النساء. هذا اليوم لا يكرهه أي موظف مهما قلّت انتاجيته ومهما كان يحب العمل ومتحمس له..

في يوم الأربعاء، تجد الموظفين يتكلمون بصوت مرتفع وفي أصواتهم نبرة من التفاؤل والفرح وبإمكان الواحد منهم أن يطلب لك إفطار إلى مكتبك وكأنه استلم لتوه شيكاً من مساعدات الديوان(دغلة للديوان الذي عود الناس على الشحاتة). تجد حركة الموظف وتصرفاته وخموله ومزاجه خلال الأسبوع، تجد كل هذا قد حصلت فيه طفرة غير عادية خلال يوم واحد فقط وبدون أي مبررات أو تغييرات تخص عمله.. إنه سحر الحرية سحر الأربعاء..

وتبدأ الإجازة و يتفاجأ الموظف المسكين بيوم الخميس في نهايته ولم ينجز فيه أي شيء ولم يستمتع ولم يمتع حتى عائلته... لماذا؟.. السبب بسيط ولكنه مهم جداً... التخطيط.. التخطيط لأي أمر هو من أهم أسباب النجاح وبالتالي فإن نتيجته تكون دائما ذات ثمار ومردود وأثر على النفس .. عندما تخطط مثلاً لإجازة نهاية الأسبوع من فترة فإنك تعد لها العدة والعتاد والمال الكفيل بتمضيتها بالصورة المطلوبة ولن تندم في نهايتها بل سيعطيك ذلك دافع للتخطيط للإجازات القادمة.

بعد الخميس يأتيك يوم الجمعة الذي هو يوم عيد المسلمين الأسبوعي ويوم العائلة. هذا اليوم الذي في صلاة الجمعة وخطبة الجمعة وساعة الاجابة.. نستقبله باكتئاب وسخط وخوف من اليوم الذي بعده..

أكاد أجزم أن هذا اليوم هو من أكأب أيام الله على الطلبة والموظفين. لأنه ببساطة يوم نهاية الإجازة الأسبوعية والذي تأتي بعده السبت والعمل والدراسة.. مع أن هذا الكره غير مبرر إذا قارننّاه بإنتاجيتنا.

ما يزيد الجمعة غماً هو خطبة الجمعة في مساجدنا... آه من خطبة الجمعة.. وآه من خطباء الجمعة.. الخطيب لدينا عبارة عن قاريء لدفتر الخطبة بدون روح.. لايمكن أن تحس(أتكلم عن نفسي) بأن ما يقوله ذلك القارئ يلامس وجدانك أو متعلق بواقع أنت فيه.. قد تكون الخطبة مناسبة لأحد أحياء مسقط بعض الخطب قد تناسب منبر هيئة الأمم المتحدة أو أي مكان آخر لكنها غير مناسبة لقرية نائية في صحراء محافظة ظفار أو الشرقية أو الداخلية أو أو..أتوقع أن على وزارة الأوقاف والشئون الدينية أن تعي أن هناك فروق في مستوى الوعي حسب طريقة معيشة الناس ومدى اختلاطهم بغيرهم من المواطنين والأجانب.. ماهو مناسب لمدينة صلالة ليس بالضرورة أن يكون مناسباً لاحتياجات سكان نيابة مدينة الحق مثلاً... لا يمكن أن نتكلم عن المخدرات والمدمنين في ولاية مقشن مثلا.. لماذا؟ لأن برنامج الخطبة يتكلم عن شيء غير موجود وغير متداول في هذه الولاية وهناك أمور أهم من هذا الأمر يمكن مناقشتها في هذه الولاية بالذات...

أعود للموضوع الرئيسي وهو موضوع الأربعاء والجمعة..

لا أدري إن كنت أيها القارئ الكريم(إذا كنت كريم اعزمني) مثلي تكره أياما لله فلله وتحب أخرى لمصلحتك الذاتية أم لا... معقولة تحب الجمعة وتكره الاربعاء؟ أشك في ذلك..

لا تنطبق النظرية بطبيعة الحال على المطاعم والمقاهي في صلالة.. أتوقع أن المقاهي والمطاعم السياحية في صلالة تقدس أيام الفيفا ودورة كأس الخليج وكأس الاتحاد الاوروبي وأمم أفريقيا وآسيا والكوبا أمريكا وأمم أوروبا(نسيت شيء؟ أيوه والدوري الاسباني).. كذلك تقدس مهرجان الخريف بالطبع.. ولكنها تكره يوم الأربعاء لأنها بداية هروب الزبائن عن المدينة وذهابهم للأرياف والبادية والرحلات والصيادة.

الموظف المجاز قد يتم استثناءه إذا لم يكن مرتبط بعاشق للأربعاء أي موظف آخر غير مجاز.. كما أن الباحث عن عمل والباحث عن إنجاز معاملة ربما يكره الأربعاء ويعشق السبت لأن الدوام الأسبوعي مهم ومرتبط برزقه إن صح التعبير...

إذا نسيت شيئا فأرجو منكم المشاركة والاضافة.

هل تحبون أياماً وتكرهون أخرى؟... هناك سحب على جونية فندال أو فندل لمن يشارك بتعليق وراح يتم توصيلها بالـ دي إتش إل..

إجازة سعيدة... تحياتي


الاثنين، 15 فبراير 2010

كابوتشينو

ما أسهل الكلام.. وما أسهل النقد... وما أصعب أشياء أخرى..
صباح/مساء الخير وطابت أوقاتكم.
خلال العشر سنوات الماضية بدأت استرجع الكثير من الحكايات الشعبية والمواقف اليومية التي مرت علي والتي لم أكن أعيرها أي اهتمام في خضم الحياة المتغيرة التي نمر بها وفي غياب الوعي بأهمية الاستفادة من تجارب الكبار قبل رحيلهم. الآن بدأت أنظر إلى الحكايات والقصص الشعبية التي كنت أسمعها في طفولتي بإعجاب واحترام وفخر وحزن معاً. بدأت أحس أنها تخصني وتخص الجميع.. تعنيني وتعني الجميع.. جزء من التراب الذي نشأت وترعرعت فيه وعليه وهي بذلك جزء مني ومن الجميع.. أعتقد أن من حق أي ثقافة أن تصل لكل إنسان على الأرض أينما وجد، ومن حق كل إنسان أن يطلع على ثقافات إنسانية أخرى أينما وجدت على سطح هذا الكوكب الصغير. كما أعتقد أنه من الظلم أن تُحجب ثقافات بعينها لأي سبب كان...
كانت هذه الأفكار تتزاحم في رأسي من كل حدب وصوب عندما هممت بالجلوس في مقهى براونيز المليء بدخان السجائر، عندما باغتتني النادلة ?What do you want sirطبعاً كانت سير مسحوبة بطريقة رهيبة. سألتها هل في مكان لغير المدخنين؟ قالت لا فاليوم عيد الحب وجميع الطاولات مشغولة في الأعلى. قلت سبحان الله هذا هو الغزو بعينه.. معقولة أصبحنا(الظفاريين) رومنسيين لها الدرجة؟ أشك في ذلك.. طبعاً ما تجرأت أسألها عن جنسيات الأسر المتواجدة في قسم العوائل علماً بأن السؤال بريء جداً لكني اكتفيت بطلب آيس كابوتشينو أو كابوتشينو آيس. طبعاً راحت النادلة ولم ترجع إلا بالكابوتشينو المثلج بينما كنت أتخيل صديقي البنجالي شهاب في مطعم الدهاريز.. فعندما كنت أطلب منه شاهي فإنه يأتيني بقهوة أو عصير موز وطبعا يجب أن أقبل ما يأتي به شهاب. غابت عني النادلة وتأقلمت مع دخان السجائر وبدأت أفكر في نفس الموضوع السابق ربما لأن الآيس كان مرتب.
عدت للحالة.. حالة تعلقي بما هو ماضي من لغة وحكايات وتراث..
لا أدري لماذا بدأت عندي هذه الحالة.. ولماذا بدأت تزيد.. عندما بدأتُ في تحليل أسبابها لم أجد سبباً مقنعاً غير سبب واحد وهو الخوف من اندثار التراث الشعبي المحكي عندنا في ظفار بشكل خاص وفي عمان بشكل أعم وأشمل. قد يكون نصيب التراث الشعبي المحكي بالعربية أوفر حظاً من التراث المحكي باللغات التي لا تُكتب كالجبالية والمهرية عندنا في الجنوب ولكن في الغالب لا تزال المشكلة عامة. فلا توجد مراكز بحوث تعنى بحصر وحفظ هذا الموروث للأجيال القادمة و للباحثين والمهتمين. كما أن الحكومة بدأت معادية للثقافات الغير ناطقة بالعربية بالرغم من أنها لم تمنع الناس من التخاطب بها(هذا الناقص). المراقب للوضع العام وفي قلبه مرض المؤامرة يرى أن الحكومة كانت ملتزمة خلال الفترة الماضية بوأد التراث الشعبي الغير منتسب للغة العربية. طبعاً أشك في أن ذلك كان مدروساً وعن قصد ولكني لا أشك أيضاً في أن هناك أفراداً مؤثرين لم تكن تعجبهم ظهور ثقافات متعددة على السطح على حساب الثقافة العربية وكأن التنوع الثقافي يهدد عروبة البلد، علماً بأن الثقافات الأخرى هي في معضمها عربية خالصة ناطقة بلغات غير قرشية.
خلال الفترة الماضية بدأت بالاهتمام بشكل أكبر والتركيز بنوع من الاهتمام لكل ما أسمع من والدي أو والدتي وأي مسن أو حتى الشباب في نفس سني. بدأت أتحرش بكبار السن وذلك بنطق بعض الكلمات بطريقة مكسرة لكي استفزهم وأدخل معهم في حوارات..بدأت هذه الطريقة تؤتي ثمارها معهم. . بدأت أتذوق شعر النانا والدبرارت وبدأت استمع إلى الأشرطة السمعية ولا أفوت أي فرصة في هذا الشأن. طبعاً لدي مخزون هائل من المفردات الدسمة وأتحدث بالجبالية بشكل يومي لكن لغتي اليوم مختلفة تماماً عن لغة والدي. هناك إن صح التعبير لغة جديدة تتشكل، مزيج بين العربية والجبالية أو عربية بلكنة جبالية. لا أستطيع أن أسترسل في جملتين أو ثلاث دون أن أقحم كلمة أو اثنتين أو ثلاث فيها. لم تستقر بعد هذه اللغة الهجين فهي تختلف عندي عن التي يتكلمها المراهقون اليوم. أنا وجيلي على الأقل نقحم كلمات عربية على كلمات جبالية صحيحة كما ينطقها الكبار بينما المراهقون ومن هم دون الـ 25 سنه لديهم مفردات مكسرة بسبب الإندماج الحاصل بين الطلبة في المدارس المنحدرين من البادية والجبل والمدن. أدى التمازج بين هؤلاء إلى ظهور لغة جديدة موجودة الآن ومفهومة لدى نفس الفئة ولكنها من ناحية القواعد النحوية لا تخضع لضوابط، وغير متقبلة بالتالي من كبار السن وهي مدعاة سخرية لديهم ولكنها أمر واقع..
هل يصح أن نظل هكذا؟ وهل يصح أن تتفرج الجهات المسئولة؟..أحس أننا كأفراد قبل الحكومة نخون اللغة والتراث وثقافتنا لعدم اكتراثنا.. ولعدم مبادرتنا ولعدم تحملنا للمسئولية

بصحيح العبارة نحن نتفرج على لغتنا وتراثنا يموتان أمامنا. عندما كنت في الإبتدائية في الثمانينات كان هناك مدرس من السودان وآخرون من مصر ودار بينهم نقاش حول موت اللغات واندثارها، ومن ضمن ما أتذكر أن المدرس السوداني قال أن اللغة الجبالية سوف تموت وخلال فترة قريبة.. طبعاً لم أكن بالوعي الذي أنا عليه اليوم كما أنني لم أكن مهيأً للخوض في حوار معقول معهم بحكم السن وقلة التجربة.. أذكر أنني كنت مستغرب من غباء المدرس لكنني لم أجرؤ على الكلام لأن المدرس في تلك الفترة كان مقدساً. اليوم أتفهم ما قال ذلك المدرس.. لقد تنبأ لها بالاندثار خلال 50 عاماً ما لم يتم الاهتمام بها. أنا الآن أقدر مدى وعيه لأنني أرى شيئاً مما قاله يتشكل أمامي.
يقول الشاعر الداغستاني المعروف رسول حمزاتوف في"داغستان بلدي" : إذا كانت لغتي ستضمحل غداً فأنا مستعد أن أموت اليوم.
يا الله خلص الكابوتشينو.. لازم أروح البيت الحين... تحياتي

الجمعة، 12 فبراير 2010

إذا با تحلب البقرة..

هل سبق وأن سمعت المثل الشعبي المتداول لدى كبار السن في ظفار للتعبير عن فكرة وضوح الشيء من مظهره ؟!..لا أعتقد أنك سمعت ذلك المثل إلا إذا كنت من هواة الاحتكاك بالكبار ومن مدمني الاستماع إلى أحاديثهم، أو ممن انطبق عليهم المثل أو تم تطبيقه لفظياً عليهم.

ربما مرّ عليك - عزيزي القارئ - المثل الشعبي الدارج: " إذا با تحلب البقرة، شوف وجَهْهَا!!" قلت ربما... فهل سمعت بهذا المثل الذي يذكرني بحليب الصفوة أو المراعي للوهلة الأولى؟.. ما عليه لا تجاوب إذا ما تعرف الإجابة! ... ففي الأمثلة المحلية الكثير من السخرية والبلاغة وبعض الأحيان الجرأة في استخدام المفردة الغير مناسبة التداول أو الغير متناسبة مع كل فئات المجتمع. لن أتطرق هنا لمثل هذه الأمثال وسأكتفي بالمثل المذكور أعلاه لتسليط الضوء على الأمثال الشعبية التي تمر علينا كل يوم دون أن ننتبه لبلاغتها وقوتها في توصيل الفكرة بكل سلاسة ودون تعقيد.

يتم استخدام هذا المثل كثيراً في وصف صاحب المنفعة أو الشخص الذي تُرتَجى منه الخدمة سواء كانت الخدمة خاصة أو عامة وهو ليس أهلاً لها. شخصياً سمعت تطبيق هذا المثل على محافظي ظفار (عدة محافظين مروا على محافظة ظفار)، ففي حالة انتفاع شخص ما أو قبيلة ما من هذا المحافظ كان المديح والإطراء والبحث عن الكلمات والعبارات المنمقة هو شغل شاغل المنتفع بينما إذا لم يحصل على مبتغاه تكون ردة الفعل معاكسة تماماً... كقول أحدهم: "إنته بس تحالي(انظر) في وجهه.. قال المثل: إذا باتحلب البقرة شوف وجهها.. باحد الله من أول ما تحاليت في وجهه عرفت إنه ما ينفع.. هو أصلاً لو كان فيه خير ما جابوه عندنا". طبعاً ينطبق المثل على كل إنسان وليس شرطاً أن يكون مسئولاً رفيعاً. حتى في حالة الحاجة للسلفة قد يتم استخدام هذا المثل. فقد يقول قائل محدثاً صاحبه: أنا رحت عند فلان اقترض منه 50 ريال حتى آخر الشهر بس للأسف ما عطاني شي، فيجيب صاحبه: إنت مجنون .. ما حصلت حد غير فلان؟!.. إذا با تحلب البقرة شوف وجهها، فلان لو فيه خير كان اشترى لنفسه سيارة مثل الناس..

تذكرت هذا المثل عندما سألني أخوي أمس عن وزارتنا الموقرة وهل حدثت فيها تغييرات تخدم المواطن أو الموظف؟! أم لا تزال كما عهدناها لا تبرح مكانها؟! فكان جواب أحد الحضور سريعاً... إنت بس شوف وجه وزيرهم.. ما ترتجي منه خير.. لكنه(الشخص الذي علق) ولحسن الحظ لم يذكر البقرة ولا وجهها ولم يقرن وجه البقرة في المثل بوجه معاليه المحشوم، بل اكتفى بوجهه (وجه الوزير الموقر) مع أن معاليه كان كاشخ في آخر صورة ظهرت له في الجريدة.

الأمثال الشعبية جميلة جداً وممتعة ومسلية ومضحكة وهي خلاصة وعصارة تجربة مهما كانت بسيطة وساذجة المظهر، وقد اطلعت منذ عدة سنوات على تجربة جميلة جداً هنا في صلالة وهي توثيق الأمثال الشعبية في محافظة ظفار في كتاب اسمه"ظفار امثال و اقوال" لكاتبين نسيتت اسميهما.

هل تحب الأمثلة الشعبية؟ هل تستخدمها بشكل مستمر؟هل تخجل من بعضها؟ .. أرجو المشاركة والتعليق خاصة في شأن الأمثال الطريفة(في حدود المعقول... لا لبعض الأمثال)

تحياتي

الأربعاء، 3 فبراير 2010

سيارات الحكومة... التأمين


تُصادف موظف الحكومة مشكلات عدة في حياته اليومية في العمل أثناء تأديته لواجبه. وبما أنه لا سبيل لذكر كل المشكلات هنا فإنني سأتناول و على عجالة تأمين المركبات أو السيارات الحكومية ومدى تأثير ذلك على اداء الموظف.
يلاحِظ الموظفون الذين يستخدمون السيارات الحكومية كضرورة يومية لتأدية العمل اليومي عدم اكتراث وزاراتهم أو قوانينها المالية أو بنودها التي تخص التأمين(الخدمة المدنية مثلاً) لحياة منتسبيها من خلال تأمين السيارات بأرخص قيمة ممكنة والتي تعرف "بتأمين بطرف ثالث". هذا النوع من التأمين يحتم على الموظف أو الجهة المؤمنة تصليح أعطاب المركبة في حالة الحوادث التي يتسبب فيها قائد المركبة(أي عندما يكون السائق غلطان). في الخدمة المدنية التي أنتسب لإحدى وزاراتها فإن السائق هو من يتحمل تكاليف التصليح إذا كان غلطان، حتى وإن كان في مهمة عمل.

الموضوع ليس سهلاً على السائقين من ذوي الدرجات المتدنية مالياً. هل يعقل أن يكون هناك إنسان لا يخطئ؟ بالطبع لا..

في الأسبوع الماضي تعرض زميل لي لحادث مروع أثناء رجوعه من مهمة عمل ولكن من حسن الحظ أنه لم يتعرض لأذى بدني. قيمة تصليح المركبة تم تقديره بـ 1200 ريال. راتب الموظف لا يتعدى الـ 350ريال وهو رب لعائلة مكونة من 5 أطفال وزوجته ووالديه. تخيلوا .. عليه أقساط سيارة وأقساط بنك الإسكان!. ومطالب بمبلغ يفوق راتبه بأكثر من ثلاثة أضعاف.

الآن هو مطالب بالمبلغ أعلاه لأنه غلطان. طبعاً ما كان في بد من أن نقوم بتجميع مبالغ من بقية الموظفين لمساعدة هذا الموظف المسكين؟ والمبلغ الذي جمعناه لم يصل إلى النصف للأسف.

هذا الأمر لا يفترض أن يتم بهذه الطريقة.. لا يفترض بالخدمة المدنية أو الحكومة أن تضع الموظف في هذه الورطة بينما تطالبه بتأدية عمله على أكمل وجه!... أنا هنا لا أقصد أولئك الذين يتصيدون السيارات الحكومية في نهاية الأسبوع للذهاب إلى الصحارى أو الوديان الوعرة ثم يتعرضون لحوادث بينما هم في عمل شخصي.. لا.. أنا أتحدث هنا عن الذين يذهبون في أعمال تخص الغرض الذي تم بموجبه توفير تلك السيارة في الوزارة.

لن تكون هذه المرة الأخيرة لحوادث سيارات الحكومة(الخدمة المدنية) ولكن على هذا الوضع وحتى لا يقع الموظف في خطأ عليه أن يكون معصوماً أو أن يرفض استخدام تلك السيارات وبالتالي الإخلال بواجبه. الآن أصبح هناك اتجاه عند بعض الموظفين لعدم سواقة السيارات إلا المؤمنة تأمين شامل.. وللأسف ليس هناك تأمين شامل إلا لسيارات الوزراء وأعتقد الوكلاء أيضاً!! الذين لا يتحركون إلا في مسقط من البيت للوزارة!!... بينما الذين يطلعون الجبال وينزلون الأودية والذين يسوقون لـ13 ساعة متواصلة لا يجدون تأمين شامل لسياراتهم(الحكومية) ومطالبون أن لا يغلطوا في سواقتهم.... وإن أخطئوا فعليهم أن يتحملوا العواقب.. أليس ذلك غريباً؟

هل تتخيلون حجم معاناة الموظف الحكومي – المضطر لاستخدام مثل هذه السيارات- ومدى الرعب الذي يعيشه من جراء ذلك؟ ألا يحق له على الأقل أن تكون لديه سيارة واحدة(في كل دائرة) بتأمين شامل للمشاوير الصعبة والطويلة؟ ألا يحق للموظف في حالة استمرار الوضع الخاص بالتأمين كما هو عليه الآن أن يعتذر عن السواقة بداعي عدم مقدرته على تحمل عواقب الحوادث؟ هل كل الجهات الحكومية لديها نفس مشكلة الخدمة المدنية أم أ ن الجهات الأخرى كالديوان مثلا لديها قوانين مختلفة؟ وماذا عن القطاع الخاص؟... أرجو المشاركة


للتواصل راسلني على: hesheandme@gmail.com