الاثنين، 7 مايو 2012

حول النقاش



أحياناً تُصاب بالصدمة من النقاش الذي يأخذ مسار غير مساره الطبيعي. ذلك الذي قد يوصلك إلى "تصادم" مع الآخر حتى وإن لم تكن مخططاً للصدام. أتمنى أن تكون هناك استراتيجية وطنية لتحسين أداء المواطنين في نقاشاتهم اليومية وخاصة عندنا في ظفار :).

في الجلسات العادية سواء في فترات استراحات العمل أو في المقاهي أو في البيوت أو في أي مكان آخر ونظراً للعفوية التي نعيش عليها وعدم وجود موضوع رئيسي للنقاش في الغالب، نظراً لذلك فإن الحظ قد يقود الواحد منا إلى المشاركة في مناقشة موضوع عشوائي غير مهم وغير مناسب مع أشخاص غير مناسبين للنقاش. هذا النوع من البشر يعتبر الحوار معركة لا مجال فيها للخسارة. هم كما قال البج الكبير: "أناس تستعبدهم أفكارهم" وتأخذهم العزة بالإثم ولا يستسلمون للحقيقة حتى وإن كان الأمر بسيطاً. هؤلاء لا يضيفون شيئاً لرصيدهم المعرفي لأنهم مبرمجون على النظر من زاوية واحدة. أن تصر على فكرة خاطئة لا يعني أن شخصيتك قوية، وكذلك أن تترك الأفكار الخاطئة لا يعني أنك إمعة فالحكمة ضالة المؤمن كما يقول تراثنا.
 يجب أن لا تسيطر علينا الأفكار بل يجب أن نسيطر عليها بقدر خدمتها للحقيقة لأنها أي الحقيقة مبتغى كلٌ منا. عندما يكون الواحد منا مقتنعاً بأمر ما، يجب أن يعرف الأسباب التي تجعل ذلك الأمر مقنعاً أو حقيقةً أو موجوداً. وكما قال أحدهم: "الفكرة كالرداء الجميل"؛ إن كانت منطقية يجب علينا أن نلبسها دون غيرها لأنها تجملنا، وقد تكون كالرداء البالي المشوه وهنا من الواجب التخلي عنها.
،،،،،،،،،،،،،،،،
من خلال تجربتي المتواضعة مع أكثر من شخص من مستويات ثقافية متفاوتة اتضح لي بأن معظم البشر الظفاري/العماني/العربي يمكن أن يناقشك في أي موضوع يخطر على بالك إلا من رحم ربي. ما عليك إلا اختيار الموضوع و"الشعب" جاهز. نادراً ما تجد شخص يقول: ليست لدي فكرة عن الموضوع أو أنا غير متخصص أو لم أقرأ في هذا الجانب. الأمر ينطبق على شريحة كبيرة من الشباب مدعي المعرفة وبعض المتخصصين في جوانب غير التي يتم مناقشتها.. ويا ويلك من "بعض" أصحاب الشهادات العليا وجمهور الجزيرة. هنا لا تجد مكان لـ "رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه".
،،،،،،،،،،،،،،،،
مجموعتي الشهيرة بشلة "البجز" عبارة عن مجموعة تتفق إلى حد كبير في الإطار العام وتتفق في محبتها للنقاش خاصة في الشأن العام. أثناء فترة الربيع العماني وبعده  "تكثفت" النقاشات في شأن الاعتصامات وما يُطرح فيها من خير وشر وردة فعل الحكومة وبالطبع زادت اجتهاداتنا وزاد الحماس. نحن متفقون أو متفقين المهم متفقين في الخطوط العريضة ولكن نختلف دائما في التفاصيل وكما يقال الشيطان في التفاصيل. يحتد النقاش تحت تأثير المجال المغناطيسي لخُطب الإعتصام ونصل في بعض الأحيان إلى حد الصراخ ( ما عدا البج الكبير:)). في الأخير وبحكم اتفاقنا على الخروج بخلاصة يهدأ الوضع ونضطر إلى احترام الاختلاف لنفترق حتى نلتقي في جلسة أخرى. عندما أرجع إلى البيت أجد أن الذي حصل كان يمكن أن يحصل بطريقة أفضل وأهدأ لكن بعد إيش :)؟.
،،،،،،،،،،،،،،
الحوار العربي هو - في الغالب - حوار بيزنطي متشنج يعتمد على تصيّد أحد الطرفين لأخطاء الطرف الآخر لإحراجه فقط. وقد يخرج المتحاور من مناقشة الفكرة إلى أمور شخصية في خصمه المتحاور. الحوار هنا يكون حواراً منفراً - في غالبه - وميال إلى إثارة الضغينة و البغضاء بين أطراف النقاش. فعندما لا يجد أحدهم ما يقوله يعمد إلى استخدام الشتائم المباشرة او الغير مباشرة.وخير دليل على ذلك البرامج الحوارية التي بدأتها قناة الجزيرة كبرنامج "الاتجاه المعاكس".
نلاحظ في هذه البرامج:
رفع الصوت
تكرار الفكرة
المقاطعة المستمرة
إجابة السؤال بسؤال..
كل هذا من أساسيات حواراتنا العربية في التلفزيون مثلاً أو الندوات أو الحوارات اليومية وللأسف يتضح للمراقب أن هدف المتحاور ليس الوصول إلى حل أو إقناع الطرف الآخر بل الهدف هو البحث عما يعريه وإن كان بعيداً عن موضوع النقاش.
،،،،،،،،،،،،،


أخيراً..
النقاش يجب أن يكون صادقاً من أجل أن يثمر.. والإنفعال مصيبة الحوار.

ملاحظة: الموضوع عبارة عن ملاحظات شخصية غير مبنية على منهجية علمية ويجب أن تظل كذلك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

للتواصل راسلني على: hesheandme@gmail.com