.... بعد أن أنهيت شرب الشاهي دفعت الحساب الذي كلفني 50 بيسة بالتمام والكمال وقد كان الشاهي في ذلك المطعم النائي ألذ ألف مرة من الشاهي الذي شربته في أحد المطاعم السياحية في صلالة والذي تصل قيمته إلى200 بيسة علماً بأن المطعم(السياحي) لا يتميز عن أي مطعم آخر إلا بدخان الشيشة والعارضات أقصد النادلات من المغرب الشقيق أو من مصر. الفرق هنا بين هذه المطاعم أن المطاعم السياحية تقوي!!!!! العلاقات العربية العربية على حساب "جيوبنا" بينما المطاعم العادية تقوي العلاقات العمانية الهندية وتكلفتها أقل!! فمن الأولى؟
بعد هذا الفلاش باك أثناء الدفع، اتجهت إلى محل المواد الغذائية واشتريت الماء والسكر وبفضل الله افتكت أزمة الـ 20 ريال وفارقت الورقة جيبي.. أخيراً.
بعد هذا الفلاش باك أثناء الدفع، اتجهت إلى محل المواد الغذائية واشتريت الماء والسكر وبفضل الله افتكت أزمة الـ 20 ريال وفارقت الورقة جيبي.. أخيراً.
خرجت من المحل لأرى مجموعة من المواطنين متجمعين في حلقة.. مشمرين عن سواعدهم وأجزاء كبيرة من أجسادهم والسكاكين والخناجر في أيديهم، فدفعني فضولي للذهاب إليهم لأرى ما هنالك..لكنني تيقنت مما يجري قبل أن أصل بأمتار قليلة وذلك برؤيتي لسنامٍ ناقة بين الجمهور. فقد كانت هذه الجمهرة البسيطة حول ناقة تم شراءها لتذبح "خصاراً" لمطابخ المتجمهرين.. وهذا من المشاهد المعتادة في ظفار وخاصة في المناطق الريفية والصحراوية حيث لا توجد مسالخ بلدية.
حييت الجماعة وبادلوني التحية وبعد "الخبور" سألت إن كان بالإمكان الاشتراك في أسهم الناقة.. فرد علي أحد الحضور بأن الأسهم قد تم توزيعها قبل ذبح الناقة ولكن بإمكانه أن يشاركني قسمته.. قلت: لا يمكن أن آخذ من سهمك لأن عددكم كبير ولن تستفيد أنت من المتبقي من قسمتك إن شاركتك أنا.. قال: أنا كنت متردد قبل الشراء ولكني جاملت الجماعة فإذا شاركتني تكون فعلت خير.. قلت: على بركة الله.
أخذت قسمتي والتي كلفتني 15 ريال واضطررت للرجوع إلى المحل السابق لأشتري لوازم طبخ اللحم، فلم يكن اللحم في جدول أعمالي وبالتالي لم استعد له ولم أُحْضر معي ما يمكن طبخ اللحم به وفيه.. ولكن كوني ظفاري فأنا مدمن لحم بالسليقة، وبالتالي لم استطع مقاومته أي اللحم لما رأيته طازجاً أمامي..أدخلته في جدول أعمالي بشكل طارئ وعليّ تحمل التبعات.
رجعت لأشتري صفرية صغيرة وملح وخضروات .. إلخ لكن للأسف لم أجد مبتغاي إلا من الملح .. أخذت الملح ورجعت أدراجي إلى مكان إقامتي لأنفرد بلحم الناقة المحلية..
لحم وشاهي أحمر وقمر ؟! واو... الله يستر.. الليلة عيد أنا أسعد جبالي في المعمورة.
قبل حلول الظلام قررت أن أجمع كمية محترمة من الحطب والحصى و الحجارة.. هذا هو حلك الوحيد إذا أردتَ التعامل مع اللحم وأنت في موقفي بلا صفرية..بوجود الحطب والحجارة اكتشفت أخيراً أنني فعلاً لم أكن بحاجة إلى صفرية.. المهم.. جهزت للمضبي..
قبل حلول الظلام قررت أن أجمع كمية محترمة من الحطب والحصى و الحجارة.. هذا هو حلك الوحيد إذا أردتَ التعامل مع اللحم وأنت في موقفي بلا صفرية..بوجود الحطب والحجارة اكتشفت أخيراً أنني فعلاً لم أكن بحاجة إلى صفرية.. المهم.. جهزت للمضبي..
وضعت أساسات المضباية أو المضباة أو المضبيت وهي عبارة عن قاعدة من الحجارة المفلطحة بعض الشيء ( بحجم الكف) في مساحة 50سم × 30سم تقريباً. بعدها رصصت الحطب في هذه المساحة بشكل متوازي وعلى شكل طبقات(3طبقات) تتخللها فراغات بسيطة تسمح للهواء بالدخول.. وفي المرحلة الأخيرة وضعت الحصى من أعلى تاركاً مكاناً بسيطاً فارغاً بلا حصى.. هذا المكان الفارغ من الحصى يكون دائما مضاداً لاتجاه الرياح، و يتم إشعال النار فيه لكي يكون انتقالها إلى الأجزاء الأخرى أسهل ويتم فيها استهلاك النسبة الأكبر من الحطب المرصوص وبالتالي تكون النتيجة أكبر قدر من الحرارة في أكثر عدد من الحصى والحجارة. أشعلت النار في المضباة وجهزت اللحم في شرائح وفصلته عن العظم وجهزت الأثافي الثلاثة لعمل الشاهي. خلال ساعة واحدة كان كل شيء جاهز أمامي؛ اللحم المضبي و الشاهي، وكان القمر قد تجلى في أبهي حلة وهيئة.. أحسست ساعتها أنني ملك المكان.. لا أحد يقاسمني شيئاً منه ولا فيه الآن.. أنا الملك.
في حوالي الساعة العاشرة ليلاً وأنا في عز اندماجي وتفاعلي مع المكان أحسست بأصوات غريبة لم اعتدها من قبل.. يبدو أن اللحم قد جلب لي بعض الرعايا أو بعض المنافسين على المكان.. جلست في وضعية الاستعداد والكشاف(مصباح) في يدي بالرغم من إضاءة القمر الكافية..ولكني لم أر أي شيء.. ولكي أحافظ على هدوء المكان لم استخدم الكشاف ..أثناء ذلك الانتظار أتتني فكرة جميلة وهي استدراج الضيوف للمكان الذي أختاره..وبما أن كمية اللحم كافية وفائضة فلماذا لا ألعب لعبة مع الضيوف لكي أعرفهم عن قرب؟.. يبدو أنني سأقوم بشيء من هذا القبيل..
أخذت كمية من اللحم المطبوخ (مضبي) وكمية أخرى من بقايا اللحم والعظام الطازجة أو غير المضبية، ووضعتها على بعد حوالي 20 متراً من مكان تواجدي.. وزعتها في ثلاثة أماكن متباعدة بحوالي 10 أمتار عن بعضها البعض. انتظرت لأرى الضيف الأول..لم انتظر طويلاً.. كان أولها الذئب.. كم هو جميل الذئب.. لم أره منذ أن كنت طفلاً في الإبتدائية أو الاعدادية علماً بأنني أسمع عواءه كل نهاية أسبوع إذا طلعت الجبل في رحلة أو بتُّ عند أحد أقاربي.
تبادر إلى ذهني ساعتها سؤال مهم جداً .. إلى متى سنظل بلا حديقة حيوانات؟!!.. بلدنا جميلة وطبيعتها متنوعة وساحرة وتزخر بحياة برية غنية مقارنة بغيرها في الجزيرة العربية.. متى سنرى حيواناتنا البرية في حدائق مدننا؟ متى سيرى أطفالنا وأجيالنا ما تزخر به أرضهم؟!!
في نفس الليلة رأيت ثعالب وحيوان الظربان (skunk).. وحيوان الوبر.. رأيته في النهار.. وكنت في مرات سابقة قد رأيت بالقرب من نفس المكان كل من القنفذ و الوشق والضبع. يوجد أيضاً في نفس المنطقة النمر العربي والوعول والغزلان وأنواع أخرى لا تحضرني. كذلك توجد أنواع كثيرة من الافاعي والزواحف.
كل هذه الحيوانات يمكن أن تُستجلب أعداد بسيطة من كل نوع منها ويتم التعامل معها على أنها نادرة ( وهي فعلاً نادرة ومهددة بالانقراض) وتتم العناية بها ومحاولة تكثيرها، وفي نفس الوقت يتم الاستفادة منها بعرضها على الجمهور مقابل رسوم معقولة.
بطبيعة الحال هناك أيضاً الطيور المتنوعة والأسماك والأشجار والنباتات ... وحتى الصخور وأنواع التربة والرمال إلى غير ذلك... نحن بحاجة لأن نرى كل هذا بطريقة أنيقة تخدمنا وتعكس ما تزخر به بلادنا الجميلة من مقومات.. وبطبيعة الحال ذلك سيزيد ويفيد السياحة ويثريها أكثر من المطاعم السياحية.. كانت ليلة ممتعة بامتياز..النهاية
في حوالي الساعة العاشرة ليلاً وأنا في عز اندماجي وتفاعلي مع المكان أحسست بأصوات غريبة لم اعتدها من قبل.. يبدو أن اللحم قد جلب لي بعض الرعايا أو بعض المنافسين على المكان.. جلست في وضعية الاستعداد والكشاف(مصباح) في يدي بالرغم من إضاءة القمر الكافية..ولكني لم أر أي شيء.. ولكي أحافظ على هدوء المكان لم استخدم الكشاف ..أثناء ذلك الانتظار أتتني فكرة جميلة وهي استدراج الضيوف للمكان الذي أختاره..وبما أن كمية اللحم كافية وفائضة فلماذا لا ألعب لعبة مع الضيوف لكي أعرفهم عن قرب؟.. يبدو أنني سأقوم بشيء من هذا القبيل..
أخذت كمية من اللحم المطبوخ (مضبي) وكمية أخرى من بقايا اللحم والعظام الطازجة أو غير المضبية، ووضعتها على بعد حوالي 20 متراً من مكان تواجدي.. وزعتها في ثلاثة أماكن متباعدة بحوالي 10 أمتار عن بعضها البعض. انتظرت لأرى الضيف الأول..لم انتظر طويلاً.. كان أولها الذئب.. كم هو جميل الذئب.. لم أره منذ أن كنت طفلاً في الإبتدائية أو الاعدادية علماً بأنني أسمع عواءه كل نهاية أسبوع إذا طلعت الجبل في رحلة أو بتُّ عند أحد أقاربي.
تبادر إلى ذهني ساعتها سؤال مهم جداً .. إلى متى سنظل بلا حديقة حيوانات؟!!.. بلدنا جميلة وطبيعتها متنوعة وساحرة وتزخر بحياة برية غنية مقارنة بغيرها في الجزيرة العربية.. متى سنرى حيواناتنا البرية في حدائق مدننا؟ متى سيرى أطفالنا وأجيالنا ما تزخر به أرضهم؟!!
في نفس الليلة رأيت ثعالب وحيوان الظربان (skunk).. وحيوان الوبر.. رأيته في النهار.. وكنت في مرات سابقة قد رأيت بالقرب من نفس المكان كل من القنفذ و الوشق والضبع. يوجد أيضاً في نفس المنطقة النمر العربي والوعول والغزلان وأنواع أخرى لا تحضرني. كذلك توجد أنواع كثيرة من الافاعي والزواحف.
كل هذه الحيوانات يمكن أن تُستجلب أعداد بسيطة من كل نوع منها ويتم التعامل معها على أنها نادرة ( وهي فعلاً نادرة ومهددة بالانقراض) وتتم العناية بها ومحاولة تكثيرها، وفي نفس الوقت يتم الاستفادة منها بعرضها على الجمهور مقابل رسوم معقولة.
بطبيعة الحال هناك أيضاً الطيور المتنوعة والأسماك والأشجار والنباتات ... وحتى الصخور وأنواع التربة والرمال إلى غير ذلك... نحن بحاجة لأن نرى كل هذا بطريقة أنيقة تخدمنا وتعكس ما تزخر به بلادنا الجميلة من مقومات.. وبطبيعة الحال ذلك سيزيد ويفيد السياحة ويثريها أكثر من المطاعم السياحية.. كانت ليلة ممتعة بامتياز..النهاية
هذا فعلا أجمل الأجزاء.... رائع
ردحذفأشكرك أخي غير معروف
ردحذفواااابوك يا محفيف.. تصدق كان ممكن تكون انته عشاء لذلك الذئب لو لم تتقاسم مع ذلك الشخص بعض اللحم..
ردحذفعلى طاري حديقة الحيوانات.. ترى أنا سألت نفسي هالسؤال يمكن 2364 مرة.. وبعدها عرفت الجواب..
نحن ما عندنا حيدقة للحيوانات .. لان الحيوانات موجودة أصلا في الشوارع وفي المكاتب والوزارات والشركات.. لا تزعل.. صدقني ما نحتاج حديقة.. عندنا خير !!
شكرا لهذا المشاهد.. لقد سال لعابي على قولة علا الشكيلي
صعلووووووووك
ردحذففعلاً عندنا خير... 2مليون(....سائب)
أشكر لعابك على السيلان...هاهاها أشكرك على المرور
جزء جَميل ..
ردحذفواجد أعجبني ..
Muawiyah Alrawahi
ردحذفشكرا لك
أنا مرتاح واجد لأنه واجد أعجبك
وأخييييييييييييرا
ردحذفياخي مرة ثانية لا تم تقطع الاكلة .. قصدي الحدوتة مقاطع تخليني أقراء مرة ثانية الحدوتة من البداية تراني عود ما أحفظ واجد
لكن حدوتة تحفة وقوية.
مساء سعيد للسعيدين
أشكرك واجد جدا يا عبدالمتبصر واجد جدا
ردحذفأخي العزيز: المخرج عاوز كدا!!
شكرا يا محفيف .
ردحذفموضوع شهي وثري بحق .
مررتُ عليه سابقا ولكني لم أتمكن من الرد .
بالنسبة لحديقة الحيوانات ، توجد في السلطنة في بركاء.
زرناها قبل عدة أشهر ،
ولكنها ليست حكومية بل هي خاصة ، وأعتقد أن كل الحيوانات التي به تم جلبها من الخارج !
جميل أن تستغل الدولة تلك الثروة الحيوانية وتحافظ عليها أيضا ، ولكن بحق لما لا يهتم المسؤلين بذلك؟!!
أمرهم غريب !
محفيف ،
لأول مرة أعرف أن بالسلطنة يوجد "نمر عربي " كم اشتهي رؤيته في الطبيعة،هُنا في أرض السلطنة
شكرا يا محفيف ،
موضوعك شهي وثري ، ومكتنز بالفائدة .
مرحبا بك أخت عُلا
ردحذفمبادرة جميلة من صاحب الحديقة في بركاء يستق الاشادة عليها وبالتأكيد هي بداية أتمنى من الحكومة أن تقوم بما هو أكبر منها بحكم الإمكانيات..
إيجاد حدائق للحيوانات في مدننا أصبح ضرورة ملحة للإسهام في تنويع الخيارات للسائج والمقيم أثناء زيارته لمدننا الرئيسية في السلطنة.. ولا يمنع أن تكون هناك حيوانات من الخارج.. لكن وجود الحيوانات المحلية أعتبره ضرورة.
النمر العربي موجود في جبال ظفار وله محمية باسمه في جبل سمحان. لم أره في حياتي ولدي أمل في رؤيته لكن الأمر ليس سهلاً فوحدها وزارة البيئة تعرف أماكن تواجده بمساعدة السكان المحيطين بالمحمية..
شكراً لك مرة أخرى. مرورك يثري النقاش
والله شوقتني يامحفيف إلى رحلة جبلية مرتبة فأنا من زمااااااااااااااان ما سويتها..
ردحذفشكرا لك
أخي مسلم الكثيري
ردحذفسعيد جداً بمرورك، أتمنى أن نطلع طلعة مع بعض وأسمع دندنة من دندناتك الجميلة وأحظى بشرف الحديث معك.مدونتك رائعة وتسلط الضوء على فترة صعبة نحن بحاجة لمعرفة الشيء الكثير عنها...
لا زلت لم أقرأ موضوعك الأخير بسبب العيد وكلي شوق أن أقرأه على مهل لكي أعيش الحدث كما تعودت من سردك دائماً.
شكرا لك على المرور