الأحد، 21 مارس 2010

هل هو بدعة؟

عيد الأم

كم يؤلمني عندما أبحث عن أي موضوع في الانترنت أن أجد من المسلمين من يسارع إلى "تبديع" السنن الحسنة التي أوجدتها الشعوب على امتداد البسيطة لخلق نوع من الفرح أو ذكرى فرح لمناسبة عزيزة تستحق ذلك الاحتفاء والتذكر. ومن المواضيع التي نجد حولها الكثير من الجدل، الاحتفالات بمناسبات عزيزة كعيد الميلاد وعيد الزواج وعيد الأم وعيد رأس السنة(الهجرية أو الميلادية) والمولد النبوي... إلخ إلخ.

بمناسبة عيد الام أو يوم الأم حاولت أن أبحث عن هذا الموضوع وتاريخه وكيف تطور حتى وصل إلينا بهذه الصورة. بحثت هذا البحث الغير مضنى فقط لأضع بعض المعلومات أمام نفسي أولا ثم أمام من يتكرم بتصفح هذه المدونة(الوصلة في أسفل المقال).

هناك الكثير من الشؤم المسيطر على حيواتنا في المشرق العربي لدرجة أننا لا نفكر في الفرح ولا نضع له يوما معلوما وفي نفس الوقت لا نسمح لمن يفعل ذلك أن يستمتع بيوم فرحه، بل نضطره للإختباء وفعل فعلته كمن يداري منكراً.

أذكر عندما كنت طفلا في الابتدائية(منتصف الثمانينيات من القرن المنصرم حلوة المنصرم)وعرفت مناسبة عيد الأم عن طريق المدرس المصري الذي لا أذكر اسمه، أذكر أنه كان يضغط علينا أن نشتري لأمهاتنا هدايا.. كم هو غريب أن يشتري طفل هدية في منطقة نائية بعيدة عن العالم الحديث دون أن يجد ذلك في ثقافته.. كانت فكرة رائعة جداً..

نحن نحب ولكننا لا نجد الطريقة المثلى لنعبر عن حبنا تجاه من نحب إلا بعد فوات الأوان.. ننتظر الشخص حتى ينتقل إلى حياة أخرى لكي نبين له محبتنا..أي أننا لا نختار الوقت الصح للتعبير عن مشاعرنا.. هذه ثقافتنا.. هل هذه قساوة أم ماذا؟ لا أدري!..هل هي الصحراء أم الدين أم نحن.. بالتأكيد نحن المشكلة.. أعرف أن ثقافتنا صعبة جداً ولكن قلوبنا ليست بذلك السوء ولسنا بلا مشاعر فنحن بشر ككل البشر.

ما علينا .. المهم في الأمر أنني اشتريت عطراً لوالدتي.. طبعا الوالدة(الله يحفظها ويطول بعمرها) تعاملت مع الأمر بطريقة احترافية جداً فقد شجعتني وشكرتني وبينت لي أنها فرحانة كثيراً بالهدية وبينت لي أنني أصبحت رجلاً أستطيع تحمل المسئولية إلخ إلخ.. أنا تشجعت(اشتبحت واجد) وكنت منتظر العيد القادم وكأنه لا يجوز لي شراء الهدية إلا في ذلك اليوم..استمريت في شراء هدية عيد الأم لسنوات عدة(ربما 4 سنوات) ولكن شيئاً ما حصل بعد ذلك... ربما يذكر البعض منكم الصحوة الاسلامية التي وصلت عمان في نهاية الثمانينات وبداية التسعينات والتي اجتاحت العالم العربي والاسلامي من اقصاه إلى أقصاه.. كان لهذه الصحوة الاثر الأكبر في ظهور محاربات علنية للعادات التي تأتي من الغرب المسيحي ومن ضمنها هدايا عيد الأم وكل الاعياد ذات الصلة.. طبعاً كان الاحتفال بعيد الميلاد يعتبر من المنكرات التي يجب أن لا تحدث وكذلك عيد الأم... فالإسلام كرم الأم وجعل الجنة تحت أقدامها وليس هناك داع لأن يذكرنا الغرب المستعمر بمكارم الاخلاق التي أتت من عندنا أصلاً.. بذلك انقطعت الهدايا عن والدتي العزيزة وتم وأد عيد الأم وهداياه.. يفترض في هذه الحالة أن أشتري هدية للوالدة في أي وقت آخر لكني لم أفعل.. الظاهر رجعت إلى تضبيطات مصنع ثقافة القسوة :)

بالله عليكم هل يجب علي أن أذهب للشيخ الفلاني أو الداعية العلاني لأن استفتيه في جواز هدية عيد الأم من عدمها؟ لا أعتقد... هناك أمور يجب أن لا نقحم الدين فيها أبداَ...

أظن أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال في حديث لا أذكر منه إلا: ... استفتِ قلبك وإن أفتوك وإن أفتوك وإن أفتوك.. وقد افتاني قلبي بأشياء كثيرة من ضمنها جوازعيد الأم أو هدية الأم أو يوم الأم... كل عام وكل أم بخير ...

هناك مقال عن عيد الأم على مدار التاريخ بإمكانكم الرجوع للمقال على الرابط التالي: Abdo-farah من موقع syrianmeds.net

هناك تعليقان (2):

  1. محفيف ، سلام لقلمك أخي ،
    مقال في غاية الروعة ،
    من ناحية السرد والمضمون.

    "إستفتِ قلبك "
    وهل الهدية جُرم ؟!
    هل هي ذنب؟
    إن كانت لعدو فهي تغسل قلبه ليغدو صافيا ناحيتك.
    فكيف حين تكون للأم؟!
    وما وقع الشعور عليها،
    وهي ترى أبناءها يتذكرون جميلها ،
    ويرفلون بحبها،
    ويغردون الفرح بقربها .

    إنها قسوة بلا شك ، أن نحرمالألم يومها بحجة أنه بدعة !!!!!

    ليت قومي يعلمون .
    ماذا يصنع الحُب بالقلوب .

    شكرا محفيف.
    وكُل عام وجميع أنمهات لاكون بألف ألف خير.

    ردحذف
  2. أخت عُلا مرحبا بنبض قلبك المليء بالحنان والمحبة.
    لازلنا نتخبط في هذي الحياة ولكننا سنستقر لا محالة..
    هناك من يحرم وهناك من يكفر وهناك من يحدد لنا أوقات أفراحنا وأحزاننا... لكن الوضع الآن أفضل مما كان... وسيكون في المستقبل أفضل من الآن بإذن الله..
    أشكر مرورك .
    تدوينتك الأخيرة غاية في الجمال ورحم الله والدتك وجميع موتى المسلمين.

    ردحذف

للتواصل راسلني على: hesheandme@gmail.com