أعتقد أن هذا أمر لا يعني غير شراء الناس بخدمات لم يكونوا ليستحقوها لو كانوا في مناطق أخرى غير حدودية. أي أنه ليس هناك ما يساعد العائش في تلك المناطق أن يكون مواطنا من تلقاء نفسه. قد لا يعني المتحدث قول هذا الكلام بالمعنى الذي طرحته أنا ولكنه مفهوم بهذا الشكل.
لو كنت من تلك المنطقة لشعرت بالإهانة الشديدة ولفهمت أنني لم أكن لأكون مواطناً لولا تلك الخدمات أو "بالعربي كدا" سأكون ممن تدور حول وطنيتهم وولاءهم الشكوك.
أنا شخصياً أعتبر هذا الكلام خطيراً جداً ولا يصح أن يقال بهذه المباشرة وفي وسائل الإعلام. صحيح أن الواقع يقول أن الحدود الحالية بين عمان وبعض الدول المجاورة قسمت بعض القبائل بين دولتين، وصحيح أن الجزء العماني من هذه القبائل يحاول أن يتجنس في الدول المجاورة الأغنى - عند أهله وذويه - وصحيح أيضاً أن الجزء الغير عماني الأفقر بترولياً يحاول أن يجد له فرصة في عمان عند أبناء عمومته، ولكن يظل مبدأ شراء مواطنة المواطنين غير ذي جدوى على المدى البعيد مهما كان شكل الشراء.
قد لا تكون هناك طريقة أخرى لدى الجهات المعنية للتعامل مع القبائل الحدودية بحكم خطورة الوضع على الحدود دائماً ولكن عندما نقولها "بالفم المليان" أننا نقدم خدمات تعزز مواطنة المواطنين وتزيد من ولائهم للدولة، فإن المستمع يحس أن المواطنين يبتزون الحكومة أو أن الحكومة تشتري ولاءهم.
أتوقع أن أي خدمة حكومية تقدم للمواطنين على أي رقعة من هذا البلد هي واجب على الحكومة وجزء مما يستحقه المواطن بصرف النظر عن المكان الذي يسكن فيه. فبعد أن تعطي المواطن حقه دون مِنّة تستطيع ساعتها أن تحدد ولاءه من عدمه وتستطيع بعدها أن تحكم عليه ولن تلام الحكومة على أي تصرف تُقْدِم عليه في حالة نشوز المواطن بعد ذلك.
أتمنى أن لا يتم التعامل مع ولاء ومواطنة المواطنين على أساس الشراء كما أتمنى أن لا يتم إغداق العطاء لأفراد معينين دون غيرهم في هذه المناطق الحدودية الأمر الذي من شأنه أن يحفز الآخرين على التمرد وتغيير الولاء في أي فرصة فوضى قادمة. يجب أن يحس الجميع أنهم على نفس المسافة من الوطن.
لا أدري إن كان الواقع يختلف عن التنظير أم لا (لا شك أنه يختلف) لكن وفي كل الأحوال فإن الحكومة هي الأكثر خبرة في التعامل مع المواطنين الحدوديين. ومن المؤكد أن تعامل السلطات العربية مع مواطنيها بشكل عام والحدوديين منهم بشكل خاص ليس هو التعامل الأمثل الذي يجعل المواطن مواطناً من تلقاء نفسه بسبب شعوره بأنه لا يختلف عن الآخرين. فالحدودي دائماً محل شك حتى يثبت العكس حتى عند المواطنين الغير حدوديين.
قد ألوم الحكومات أكثر من الأفراد في تعاملها مع المواطنين الحدوديين. فهي لا شك تسعى دائما إلى تأمين حدودها بزرع أفراد في هذا الطرف أو ذاك لكي تكشف مساعي الدولة الجارة وحسن نواياها أو سوئها. طبعاً العمل متبادل بين الدول المتجاورة فوضع الحدود جرى التعامل معه بهذه الطريقة التي تجعل من الساكن في حالة لا استقرار ولا أمان وفي أزمة هوية من جراء تلاعب الأجهزة الأمنية – من الطرفين - به. أي أن المواطن الحدودي تم إجباره أن يسلك سلوكاً معيناً لكي يستطيع أن يعيش بأمان ولو إلى حين. بطبيعة الحال لكلٍّ حجته وتبريراته لكن المؤكد أن هذا التصرف من قبل الحكومات هو الذي دفع المواطن الحدودي أن يكون براجماتياً. ففي كل الأحوال الأرض تخص قبيلته وما دام مجبراً على اللعبة فسيلجأ دائماً إلى من يدفع أكثر لتأمين أرضه فمن نلوم؟.
هل يجب أن يكون التعامل مع المواطن الحدودي مختلف؟ ولماذا؟ أرجو الإفادة أثابكم الله
أنا طالع إجازة كمين يوم وسأحاول الرد قدر الإمكان لكن أرجو المعذرة إذا تأخرت...(محفيف)