هل يمكن أن نبوح بكل شيء...؟
ما الذي يمنعنا من فرش أفكارنا للجميع...؟
هل البوح منجاة أم مهلكة...؟
نختار دائما ما نريد البوح به من أفكار لكننا لا نبوح بكل أفكارنا لماذا... هل هو خوف أم شيء آخر؟. ما نبوح به يعتمد بشكل كبير على المتلقي وليس علينا، كما أن نوع البوح من نفس الشخص يختلف حسب نوع المتلقي، فما نبوح به للصديق يعتمد أيضا على نوعه وآلية تفكيره وإطار صداقته. وما نبوح به للوالدين محدود ويختلف عما نبوح به لﻹخوة بل إن ما نبوح به لﻹخوة يختلف حسب الجنس والسن والفكر. كلما اختلف المتلقي اختلفت طريقة البوح.. لا أتحدث عن البوح المتعلق باﻷسرار وإنما أتحدث عن البوح بالمطلق.. نوع الحديث والنقاش واﻷفكار المطروحة.
هذا يدعوني للتساؤل هل "نحن" من يتحدث أم شخصيات نود إظهارها للآخرين؟ يبدو أن ما نبوح به ليس كل ما نريد قوله بل لرسم صورة عن أنفسنا أمام من نتحدث إليهم.. يبدو أننا لسنا نحن عندما نتحدث لﻵخرين.. يجبرنا المتلقي بطريقة غير مباشرة على نوع البوح أي يجبرنا على الظهور بشخصية ما نحن نرسمها بناء على نوع البوح..نكون نحن ذواتنا فقط عندما نتحدث إلى أنفسنا..إلى هنا قد تكون انتهت الفكرة.
في نفس السياق ولكن بطريقة مختلفة قد نختار ما نظهره من أجسادنا لكننا لا نظهر كل أجسادنا. فما نلبسه عندما نمارس الرياضة يختلف عن ملابسنا في المناسبات أو في العمل حتى وإن كنا سنلتقي بنفس اﻷشخاص. ما تلبسه المرأة يختلف عما يلبسه الرجل.. لكن القاسم المشترك في كل هذا أن الإنسان يظهر ما يريد من جسده أحيانا حسب من يقابل وأحيانا حسب المكان، بينما لا يكون اﻹنسان على حقيقته إلا عندما يكون عريانا.
يمكن أن يتعرى الشخص جسديا في مواطن محدودة أمام غيره بسهولة لكنه لا يستطيع أن يرى جسده إلا من خلال مرآة عاكسة، بينما لا يمكن أن يتعرى الشخص فكريا بصورة مطلقة إلا أمام ذاته.