عندما تراقب ردات الفعل تجاه النقد والتحسس الشديد منه توقن اننا لا نزال في مراحل متأخرة(سفلى) من مراحل سلم التطور البشري المدني. فبدلا من الاقرار بالاخفاق والتوجه الى التصحيح تقودك ردات الفعل الى عراك شخصي محض.
من الضروري جدا التسليم بان النية الحسنة وحدها لا تكفي لاتقان العمل على الرغم من اهميتها، وبالتالي فان اي جهة حكومية او اهلية هي عرضة للنقد من اجل التحسين والاتقان. ان النقد مهما كان ايجابيا او سلبيا يجب ان يساعد الطرف المنتقد(بضم الميم وفتح القاف) ويوجهه نحو هدفه.
تعودنا لفترات طويلة ان نتلقى كل عمل كما هو وان نصفق له حتى وان لم يعجبنا، وقد قادنا ذلك إلى السكوت عن اخطاء صغيرة سرعان ما كبرت وتناسلت إلى ان اصبحت سمة من سماتنا الاساسية. عندما فتح المجال الافتراضي للجميع وجد غالبية الشباب فضاء واسع من الحرية للوقوف على الاخطاء الحكومية المتراكمة الامر الذي كشف حقائق لم تكن لتكشف عن طريق الاعلام الذي تسيطر عليه الحكومة.
قد لا نكون بحاجة الى النقد في بداية النهضة كون البناء لا يزال مبكرا والحاجة الى ضخ المال كان ضروريا ومبررا لعدم وجود مقومات او مؤسسات قائمة، لكن ان نستمر الى الابد في تحريمه فذلك هو الخطأ الذي كلف ميزانية الدولة الكثير وقادنا الى من نحن فيه من عدم رضا.
في الوقت الراهن وبعدما شبعت الحكومة من انزال خططها ومشاريعها من اعلى لا تزال الجهات الحكومية متحسسة من النقد لانها لم تتعود عليه، فهي تدافع عن اخطائها بناء على النية الحسنة من وراء مشاريعها وخططها، فهل يكفي ذلك؟ هل يكفي ان تنزل المشاريع وترصد لها الميزانيات وتنفذ قبل ان تعرض على جهات معنية كمجلس الشورى للوقوف على أهميتها وجدواها ومشروعيتها؟ اعتقد ان الوقت قد حان أن تراقب كل المشاريع، وأن يراقب الاداء الحكومي دون قيود حتى لا تتكرر الاخطاء وحتى يقوم كل جهاز تشريعي وتنفيذي بمهامه. النتيجة ستكون الاشتراك في النجاح ان كان المشروع والاداء ناجحان وكذلك سيكون الاشتراك في الخطأ إن حصل، وبالتالي لا يمكن لوم جهة دون أخرى.
لايمكن اغفال ان النقد وتصيد الاخطاء سهل خاصة من الطرف المراقب ولكن وضع ذلك في الحسبان لدى الجهات المعنية بالمشاريع سيسهل عليها النظر بأكثر من عين لما تقوم به وتنفذه.
لدي يقين بأن التأهيل السيئ للكوادر الوطنية في الجهات الخدمية المعنية بالمشاريع الكبيرة والصغيرة، هي وراء معظم الاخفاق والاخطاء. كما أن عدم النقد وعدم المحاسبة والمتابعة هي التي جعلت تلك الجهات مستمرة في ارتكاب الاخطاء. لهذا لابد من وضع استراتيجية وطنية للتدريب والتاهيل بمعايير واهداف واضحة تمكننا من الحفاظ على ما تبقى من ثروة لتوجيهها في مكانها الصحيح.
بقي أن أقول أن النقد بحد ذاته ليس هدف بل وسيلة للتصحيح والتحسين والتطوير وما لم نع أهمية النقد سيظل الانسداد موجود وسنكرر اخطاءنا بل سنحول النقد إلى صراع بين جهتين وسيتجه الجهد إلى تبرير الاخطاء بدلا من تصحيحها.
الخميس، 25 أبريل 2013
الحساسية الشديدة من الانتقاد
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)