الجمعة، 19 يوليو 2013
السبت، 13 يوليو 2013
الانكشاف والتشكل
الفترة الحالية رغم آلامها إلا أنها من أفضل فترات اﻷمة، لأن الفوضى الحالية والتجارب والإختلافات والعداءات والشتائم والتخوين كل ذلك سيشكل وعي عام بعدما كنا نرزح تحت رحمة الرأي الواحد والمثالية المصطنعة.انكشفنا للجميع وانكشف الجميع لنا لن تطول مدة الفوضى إلا بقدر وعينا واستعيابنا لما يجري في المسرح. كلما طالت المدة كلما تعلمنا وإذا خرجنا سريعا فهذا يعني أننا استوعبنا المشهد بسرعة لن يكون هناك وصي علينا إلا وعينا أو جهلنا. الكل يطرح أفكاره أمامنا في المسرح فهناك القادر على توصيل أفكاره بوضوح وهناك من عرى نفسه وأثبت فقر أفكاره. خطابنا الديني مستخدم من قبل كل الممثلين أمامنا في المسرح، كل شيء تعرى أمامنا حتى نحن أصبحنا عراة أمام أنفسنا وأمام غيرنا.. مرحبا بالحقيقة التي تتشكل فينا من خلال وعينا.الأوضاع في مصر توحي بخوف الأطراف المتنافسة من بعضها البعض وهذا أمر طبيعي ويبدو أن الحالة ستتطور للمواجهة وإراقة المزيد من الدماء لكن الخروج من المشكلة لن يكون سهلا. الطرفين المتنافسين غير مقنعين إلى الآن وآلية الإقصاء واضحة وهذا هو الإنكشاف والتعري. نضج المجتمع سيتشكل بحالتين لا ثالث لهما إلا الرجوع للمربع الإنسدادي الأول وبالتالي ستطول فترة الجمود والعنف والاستقطاب.الحالة الأولى أن تعود الشرعية مهما كانت مؤلمة ويتم تجريب الإخوان ومن ثم الاستمرار معهم في حالة نجاحهم أو إقصائهم بصناديق الاقتراع إن فشلوا وهنا يتم تداول السلطة ديمقراطيا. الحالة الثانية أن يظهر طرف ثالث يقصي الإخوان والإنقاذ معا وينحاز للشعب ويقود الجميع لحالة استقرار تفضي إلى حالة يرضى فيها الجميع بالاحتكام للصناديق أي تداول السلطة سلميا.يقول علي الوردي في كتابه " مهزلة العقل البشري" :"ان المجتمع البشري لا يستطيع ان يعيش بالاتفاق وحده، فلابد ان يكون فيه شيء من التنازع ايضا لكي يتحرك الى الامام.ان الاتفاق يبعث التماسك في المجتمع ولكنه يبعث فيه الجمود ايضا. من النادر ان نجد مجتمع متماسك ومتطور في آن واحد". لهذا لابد من التدافع من أجل التطور لكن التدافع العنيف الذي تشهده منطقتنا العربية لا يزال تدافع بمنطق بدائي وليس هو التدافع الذي يدعو إليه الوردي. قد يقودنا هذا التدافع البدائي إلى حقيقة لم تسلم بها شعوبنا أو لنقل لم تسلم بها القيادات الطافية على سطح الساحة والتي لا تزال تقود الشعوب للعنف من أجل مكاسب على الأرض.هذا التنازع الراهن هو بداية سنتأهل بعدها لمرحلة أكثر جدية. ستمل الشعوب في منطقتنا من الدم كما ملت منه شعوب أوروبا قبلنا. المهم أن يستوعب المتفرج ما يجري وأن يحاول تصحيح نظرته وأن يستشرف المستقبل من أجل الخروج برؤية لا يكون هو وحده محورها إن كان يفكر بمستقبل أفضل للمجموعة التي يعيش فيها كفرد أو كقائد.
الجمعة، 5 يوليو 2013
سحب البساط
من أجل التغيير للوصول إلى المثالية لابد من البحث عن الأفضل والأنقى والأصح. ومن أجل تصحيح أي مسار خاطيء لابد من البحث عن الأخطاء ومسبباتها من أجل تجنبها لإكمال المسيرة إلى الهدف المنشود.
لابد أن نعترف أن المبادرات قليلة والشكوى أكثر صدى من العمل الجاد. كما أن الأكثر ضجيجا والأقل مهنية هم من يسيطرون على الساحات الإعلامية مقارنة بمن هم أهل لتوجيه العامة إلى الطريق الصحيح. قد يعزى ذلك إلى غياب المبادرين الأكثر قدرة على بلورة أفكارهم إلى واقع مفيد. هنا يجب البحث عن السبب الذي بموجبه يحجم الأكثر معرفة عن الإنخراط في الشأن العام بينما تخلو الساحة للمراهقين فكريا ودينيا وقبليا إلى آخره يقودون المجتمعات إلى تخلف وركود أو صدامات وقلاقل وكره يفضي إلى خلق قوى معطلة للمجتمع وللأمة بأسرها.
في اعتقادي هناك عدة عوامل تلعب دور بارز في هذا الشأن منها وجود ثقافة التواضع المبالغ فيها في ثقافتنا العامة، حيث أن الأكثر معرفة وعلما نجده أكثر نكرانا لذاته وأكثر تواضعا وأقل ظهورا، بينما يظل من يحس بقصور في معرفته أكثر حرصا على تعويض فقره المعرفي بالانخراط فيما لا يجيده من أجل الشهرة مما يؤدي إلى تشويه عام للمعرفة وتسطيح شامل للفكر الأمر الذي يخلق أجيال من المتسلقين السطحيين المشوهين لكل شيء حسب المجال الذي يظهرون فيه. من واقع مجتمعنا القبلي أرى هذا الأمر واضحا للعيان فهناك من يلعب على عواطف العامة مركزا على قشور تأجيجية تساعد على الكره والتباعد أكثر منها على التقارب والتعايش. هذا الأمر ينسحب على من يشتغلون في الشأن الديني؛ فهم أيضا يركزون على القشور والاختلافات والمؤامرات التي تباعد بين اتباع الدين الواحد وحتى المذهب الواحد، مما يخلق جو عام من الاحتقان والكره والشقاق.
هناك أيضا عامل آخر وهو مرتبط بالعامل الأول، وهو خوف من في يده السلطة( مهما كانت السلطة) من صاحب المعرفة. هذا الخوف يحتم على صاحب السلطة البحث عن من يسهل السيطرة عليهم، وغالبا ما يكون هؤلاء من الجهلة أو الانتهازيين والمتسلقين أو من الضعفاء الذين يسهل تطويعهم وتوجيههم بمجرد ملء جيوبهم ببضع دراهم أو مكاسب تضمن سكوتهم وتمريرهم للفساد الأكبر. ويأتي ارتباط هذا العامل بالعامل الأول من زاوية وجود الشخص الغير مؤهل في الأساس على رأس المؤسسة(صاحب السلطة) التي توجه هؤلاء.
إن البلاء الذي تعيشه الدول والمجتمعات المتخلفة ومنها مجتمعاتنا العربية، يكمن في وجود الأشخاص الغير مؤهلين في اﻷماكن القيادية. يقوم هؤلاء عن قصد وعن جهل في تدمير المؤسسات التي يتربعون على عروشها؛ فيختارون الدمى والموالين ويهمشون الكوادر القادرة على صناعة الفرق. كما أن غياب ثقافة المبادرة من قبل أصحاب المعرفة القادرين على توجيه العامة إلى التغيير يساهم بشكل كبير في بقاء الجهلة قادة وصناع للواقع الراكد فتظهر الإنسدادات في كل مفصل من مفاصل المجتمع أو الدولة. لهذا لن يكون هناك تغيير ما لم يتم سحب البساط من تحت أقدام الجهلة والمتسلقين ولن يتحرك البساط إلا عندما يحس كل ذي معرفة ومبادرة بواجبه المقدس ويتقدم من أجل التغيير.