ما أسهل الكلام.. وما أسهل النقد... وما أصعب أشياء أخرى..
صباح/مساء الخير وطابت أوقاتكم.
خلال العشر سنوات الماضية بدأت استرجع الكثير من الحكايات الشعبية والمواقف اليومية التي مرت علي والتي لم أكن أعيرها أي اهتمام في خضم الحياة المتغيرة التي نمر بها وفي غياب الوعي بأهمية الاستفادة من تجارب الكبار قبل رحيلهم. الآن بدأت أنظر إلى الحكايات والقصص الشعبية التي كنت أسمعها في طفولتي بإعجاب واحترام وفخر وحزن معاً. بدأت أحس أنها تخصني وتخص الجميع.. تعنيني وتعني الجميع.. جزء من التراب الذي نشأت وترعرعت فيه وعليه وهي بذلك جزء مني ومن الجميع.. أعتقد أن من حق أي ثقافة أن تصل لكل إنسان على الأرض أينما وجد، ومن حق كل إنسان أن يطلع على ثقافات إنسانية أخرى أينما وجدت على سطح هذا الكوكب الصغير. كما أعتقد أنه من الظلم أن تُحجب ثقافات بعينها لأي سبب كان...
كانت هذه الأفكار تتزاحم في رأسي من كل حدب وصوب عندما هممت بالجلوس في مقهى براونيز المليء بدخان السجائر، عندما باغتتني النادلة ?What do you want sirطبعاً كانت سير مسحوبة بطريقة رهيبة. سألتها هل في مكان لغير المدخنين؟ قالت لا فاليوم عيد الحب وجميع الطاولات مشغولة في الأعلى. قلت سبحان الله هذا هو الغزو بعينه.. معقولة أصبحنا(الظفاريين) رومنسيين لها الدرجة؟ أشك في ذلك.. طبعاً ما تجرأت أسألها عن جنسيات الأسر المتواجدة في قسم العوائل علماً بأن السؤال بريء جداً لكني اكتفيت بطلب آيس كابوتشينو أو كابوتشينو آيس. طبعاً راحت النادلة ولم ترجع إلا بالكابوتشينو المثلج بينما كنت أتخيل صديقي البنجالي شهاب في مطعم الدهاريز.. فعندما كنت أطلب منه شاهي فإنه يأتيني بقهوة أو عصير موز وطبعا يجب أن أقبل ما يأتي به شهاب. غابت عني النادلة وتأقلمت مع دخان السجائر وبدأت أفكر في نفس الموضوع السابق ربما لأن الآيس كان مرتب.
عدت للحالة.. حالة تعلقي بما هو ماضي من لغة وحكايات وتراث..
لا أدري لماذا بدأت عندي هذه الحالة.. ولماذا بدأت تزيد.. عندما بدأتُ في تحليل أسبابها لم أجد سبباً مقنعاً غير سبب واحد وهو الخوف من اندثار التراث الشعبي المحكي عندنا في ظفار بشكل خاص وفي عمان بشكل أعم وأشمل. قد يكون نصيب التراث الشعبي المحكي بالعربية أوفر حظاً من التراث المحكي باللغات التي لا تُكتب كالجبالية والمهرية عندنا في الجنوب ولكن في الغالب لا تزال المشكلة عامة. فلا توجد مراكز بحوث تعنى بحصر وحفظ هذا الموروث للأجيال القادمة و للباحثين والمهتمين. كما أن الحكومة بدأت معادية للثقافات الغير ناطقة بالعربية بالرغم من أنها لم تمنع الناس من التخاطب بها(هذا الناقص). المراقب للوضع العام وفي قلبه مرض المؤامرة يرى أن الحكومة كانت ملتزمة خلال الفترة الماضية بوأد التراث الشعبي الغير منتسب للغة العربية. طبعاً أشك في أن ذلك كان مدروساً وعن قصد ولكني لا أشك أيضاً في أن هناك أفراداً مؤثرين لم تكن تعجبهم ظهور ثقافات متعددة على السطح على حساب الثقافة العربية وكأن التنوع الثقافي يهدد عروبة البلد، علماً بأن الثقافات الأخرى هي في معضمها عربية خالصة ناطقة بلغات غير قرشية.
خلال الفترة الماضية بدأت بالاهتمام بشكل أكبر والتركيز بنوع من الاهتمام لكل ما أسمع من والدي أو والدتي وأي مسن أو حتى الشباب في نفس سني. بدأت أتحرش بكبار السن وذلك بنطق بعض الكلمات بطريقة مكسرة لكي استفزهم وأدخل معهم في حوارات..بدأت هذه الطريقة تؤتي ثمارها معهم. . بدأت أتذوق شعر النانا والدبرارت وبدأت استمع إلى الأشرطة السمعية ولا أفوت أي فرصة في هذا الشأن. طبعاً لدي مخزون هائل من المفردات الدسمة وأتحدث بالجبالية بشكل يومي لكن لغتي اليوم مختلفة تماماً عن لغة والدي. هناك إن صح التعبير لغة جديدة تتشكل، مزيج بين العربية والجبالية أو عربية بلكنة جبالية. لا أستطيع أن أسترسل في جملتين أو ثلاث دون أن أقحم كلمة أو اثنتين أو ثلاث فيها. لم تستقر بعد هذه اللغة الهجين فهي تختلف عندي عن التي يتكلمها المراهقون اليوم. أنا وجيلي على الأقل نقحم كلمات عربية على كلمات جبالية صحيحة كما ينطقها الكبار بينما المراهقون ومن هم دون الـ 25 سنه لديهم مفردات مكسرة بسبب الإندماج الحاصل بين الطلبة في المدارس المنحدرين من البادية والجبل والمدن. أدى التمازج بين هؤلاء إلى ظهور لغة جديدة موجودة الآن ومفهومة لدى نفس الفئة ولكنها من ناحية القواعد النحوية لا تخضع لضوابط، وغير متقبلة بالتالي من كبار السن وهي مدعاة سخرية لديهم ولكنها أمر واقع..
هل يصح أن نظل هكذا؟ وهل يصح أن تتفرج الجهات المسئولة؟..أحس أننا كأفراد قبل الحكومة نخون اللغة والتراث وثقافتنا لعدم اكتراثنا.. ولعدم مبادرتنا ولعدم تحملنا للمسئولية
بصحيح العبارة نحن نتفرج على لغتنا وتراثنا يموتان أمامنا. عندما كنت في الإبتدائية في الثمانينات كان هناك مدرس من السودان وآخرون من مصر ودار بينهم نقاش حول موت اللغات واندثارها، ومن ضمن ما أتذكر أن المدرس السوداني قال أن اللغة الجبالية سوف تموت وخلال فترة قريبة.. طبعاً لم أكن بالوعي الذي أنا عليه اليوم كما أنني لم أكن مهيأً للخوض في حوار معقول معهم بحكم السن وقلة التجربة.. أذكر أنني كنت مستغرب من غباء المدرس لكنني لم أجرؤ على الكلام لأن المدرس في تلك الفترة كان مقدساً. اليوم أتفهم ما قال ذلك المدرس.. لقد تنبأ لها بالاندثار خلال 50 عاماً ما لم يتم الاهتمام بها. أنا الآن أقدر مدى وعيه لأنني أرى شيئاً مما قاله يتشكل أمامي.
يقول الشاعر الداغستاني المعروف رسول حمزاتوف في"داغستان بلدي" : إذا كانت لغتي ستضمحل غداً فأنا مستعد أن أموت اليوم.
يا الله خلص الكابوتشينو.. لازم أروح البيت الحين... تحياتي
جميييييييييل يا محفيف .. أشاطرك الرأي..
ردحذفالمصادفة .. أنني أقرا هذه الأسطر وفي نفس الوقت يبث تلفزيون سلطنة عمان أغنية وطنية.. أوقفت شعر أنفي..
علو يو زماني
أهلاً بك أخي صعلوك
ردحذفمارحت للحلاق؟
هههههههههههههههههههه
ردحذفرحت ويا ليتني مارحت.. لقد نبّهتني لموضوع الحلاق.. سأفرد له تدوينة من الخااااطر..
هل لا حظت أن معظم الحلاقين يقفون على جانبك الأيمن عند الحلاقة؟
هل لاحظت طريقتهم في وضع الكريم على بالتنقيط على وجهك؟
هل لا حظت عندما يرشون على وجهك الماء؟
تذكر.. وسأعود..
مرحبا صعلووووووك
ردحذفيار رجل هذي أمور لا يمكن أن أنساها أو ينساها أي عماني
الحمد لله الحين أصبحت وأمست وأضحت هناك أقنعة يلبسونها.. قبل الـ إتش ون إن ون كان الحلاق يدخن حبة سجارة خارج المحل ثم يرجع ويفرغها في خشم الزبون المسكين.. ناهيك عن كفوفه التي تتجول على شفافيف ومناخير المسكين إلي جالس عالكرسي..
لكننا لن نركع وسنحافظ على إرثنا التقليدي(عشان ما نكون شحنا عن الموضوع الرئيسي)
EXACTLY !!
ردحذف