الخميس، 24 مارس 2011

28

الاعتصام في يومه الـ 28

وصل الاعتصام في صلالة إلى يومه الثامن والعشرين دون أي تخريب أو أعمال عنف وليس هناك أي مؤشر لأي أعمال عنف بسبب تجاوز المعتصمون لمرحلة الخوف والاحتقان والارتباك. الآن بدأ الاعتصام يكتسب ثقة أكثر وبدأ المعتصمون أكثر إيماناً بقضيتهم خاصة بعد تجاوزهم لهزة الإشاعات والانسحابات الوهمية نهاية الاسبوع الماضي كما أن المساعي غير المباشرة من قبل عناصر وسيطة لعناصر مهمة ومقربة ومنتفعة من الوضع السابق، تلك المساعي أثبتت أنها محاولات لا تتناسب والمرحلة الحالية من الاعتصام. أضف إلى ذلك فإن انضمام المعلمين إلى الاعتصام أكسب الاعتصام زخماً وطاقة جديدة(رغم اعتراضي الشديد جداً جداً جداً على اضراب المعلمين).

نعم تم تجاوز مرحلة الخوف بنسبة عالية جداً وبدأ المعتصمون بتنظيم أنفسهم واعتصامهم. اختفت الخطب الرنانة منذ يومين تقريباً وأصبح مدمنى الميكرفون في وضعية صعبة للغاية فهم يرونه رأي العين ولا يدركونه بأيديهم J. أصبح أو بالاحرى أمسى هناك مسرح يدار من قبل لجنة إعلامية أوقفت العشوائية وبدأت تستضيف متخصصين في القانون وغير القانون في جلسات نقاشية مفتوحة لطرح الاسئلة والاستفسارات القانونية التي تدور حول الاعتصام وقانونيته والمراسيم المتعلقة بتوسيع نطاق مسئوليات وصلاحيات مجلس عمان إلى آخره. أمور قانونية كثيرة تم نقاشها ليلة البارحة في جو رائع تمنيته من بداية الاعتصام.

أعتقد أن الوصول لهذه المرحلة كان هام جداً وان الوضع يحتم استمرار الاعتصام بهذه الطريقة لكي يعرف المعتصم ما له وما عليه. ليس المهم الآن الزيادة في الرواتب او أي حلول آنية تقوم بها الحكومة لامتصاص غضب وحماس الشعب لفترة بسيطة من الزمن بل الهام هو اعداد الشعب لمعرفة ما له وما عليه وتقديم حلول طويلة الأمد تخدم الجيل الحالي والأجيال القادمة. إن هذه الجلسات ستفتح أفاق جديدة في إدراك هؤلاء الشباب المتحمس وستشكل لديهم عمق في الرؤية وبالتالي سيزيد الحمل عليهم أكثر من ذي قبل.

أصبح من الضروري الآن مناقشة التعديلات الجديدة التي ستقوم بها الحكومة على النظام الأساسي ومدى توافقها مع تطلعات الشعب المعتصم في الميادين وفي البيوت على كل أرض عمان. الذي يعتقد أن الاعتصام هو فقط عدد بسيط من الشباب الباحث عن عمل في ميدانين أو ثلالثة فهو مخطيء لأن الشعب العماني من أقصاه إلى أقصاه يؤيد هذه الاعتصامات السلمية التي أسقطت الوزراء وأتت بما أتت به من مكاسب مباشرة تمس أي مواطن بسيط معتصم وغير معتصم. حتى الذين يعارضون فكرة الاعتصامات منتفعون منها ولم يرفضوا ما أنجزته ولا يستطيعون إنكاره. لذلك لا بد من فهم المرحلة الحالية والمشاركة في صنع القوانين الكفيلة بخدمة المواطن. ولن تكون المشاركة ممكنة ما لم يكن المواطن على وعي بماهية القوانين التي هي الآن محل نقاش في ميادين الاعتصام. التعديلات على القانون الأساسي واللجان التي شكلت يجب أن يعرف عنها الشارع وأن يعرف الخطوط العريضة لعملها لكي يطمئن على أن لا التفاف على جهوده وتضحياته. إن التعديلات المزمع إجراءها والتي ستنظم وتحدد الصلاحيات التي ستمنح لمجلسي الشورى والدولة هي مربط الفرس الذي سيحدد مدى جدية الحكومة لإشراك المواطن في صنع القرار من عدمها.

في الجانب الآخر وفي الخفاء هناك تحركات غير عادية منها ما نعلم ومنها ما لا نعلم. العمل الحقيقي هو ما يحاك الآن في الخفاء. الحكومة تقوم بتشكيل اللجان القانونية لصياغة القوانين التي ستنظم حياتنا خلال الفترة المقبلة. وهناك جلسات خاصة في بيوت يديرها بعض المتنفذين لإرجاع المعتصمين إلى بيوتهم. كما أن هناك من يحاول أن يصبغ الاعتصام بصبغة فئوية وبذلك تدار لقاءات وغرف مغلقة لتضخيم هذه الرؤية وتخويف الفئات الأخرى منها وذلك لوأد هذا الاعتصام قبل أن يصل إلى مبتغاه. لقد نسي هؤلاء أن السلطان قد أثنى شخصياً على هذا الاعتصام أفلا يفقهون؟!.. يا جماعة "بسكم" لأن خيوط اللعبة ليست بأيديكم مهما كنتم تعتقدون أنكم مسيطرون على "الرعاع" فأنتم لا تملكون شيئاً أمام إراده الجماهير خاصة وأن رؤيتها تتوافق مع رؤية صانع القرار الأول.

وصل الاعتصام إلى يومه الثامن والعشرين وإنجازاته لا تخفى على أحد. فتح منابر للحرية وأجبر الإعلام على البحث عن ذاته. أربك الجميع لدرجة أنه أربك الاعلام الحكومي "الراكد" الذي بدوره أربك المستثمر الأجنبي وأدى به إلى الهروب بسبب إدارته(الاعلام) السيئة لأحداث صحار. لقد ضخم الاعلام العماني أعمال التخريب التي حصلت في صحار لدرجة أن الشركات الأجنبية تيقنت أن البلد في ثورة فوضوية مقبلة الأمر الذي حدا بها إلى الانسحاب بأقل التكاليف. إن هذا الخطأ الجسيم وضع الاعلام العماني - المسير من أجهزة أخرى غير الاعلام- أمام مرآة ثلاثية الأبعاد رأى نفسه فيها مكشوفاً وعارياً من كل الاتجاهات. أعتقد أن الاعلام الآن في مرحلة نفض الغبار المتراكم على كاهله والفضل يعود إلى المعتصمين وإلى دم الشهيد الغملاسي.. رحمه الله.

هناك تعليقان (2):

  1. لا تعليق على الاعلام العماني الآكثر من رائع .. ومن الجيد سماع ان الامور صارت أكثر تنظيما على المنبر لانه مكان حساس :)
    اما عن المعلمين فأن اتفق معك فيجب ان يسلكوا سلكا اخر لسماع اصواتهم بدل ان يتحمل اولادنا الذنب، فيكفي مايحصل من فشل في التعليم وهو ايضا ماحدث عند اضراب الصحه وتأزمت المستشفيات، فالمواطن حاله حال العامل يعاني ولا يجب ان يعاني اكثر

    شكرا على نقل الوقائع، وعندي اقتراح :) اذا بالامكان من احد من الشباب المعتصمين ان يتصل باحد البرامج الاذاعيه او التلفزيونيه-لابد من الاعلام :)- وتوضيح اسابا استمرار الاعتصام لايقاف بلبة الحناجر.. فقد قام فعلا احد الاخوان وجزاه الله خير بالاتصال بالوصال يوم الاربعاء ولكن للأسف اخذ منحنى اخر من الحوار ولم يبين الاسباب الحقيقية وراء الاعتصام ولو في نقاط مختصرة للمجتمع العماني الغير قارئ للانترنت

    وتسلم على الجهود

    ردحذف
  2. لا أستطيع أن اتحدث عن جهود المعتصمين للوصول إلى الاعلام.. قد لا يكون هناك سعي..
    لكن حتى الوصال لولا جهد ذلك الشخص الفردي لما اعطته الفرصة ولما استضافت أحد من المعتصمين في ظفار
    الاخوة في الوصال حاولوا قدر الامكان أن يظهروا أنهم ما كانوا ليتصلوا به لولا إصراره وهذه نقطة لم أجد لها تفسير!!

    ردحذف

للتواصل راسلني على: hesheandme@gmail.com